أمنة محمد باقر:
أ) هاجر تبحث عن تعريف آخر ...
لمظاهر العنف ضد المرأة *
الأستاذة هاجر تتصفح............. صور للعنف ضد المرأة ، وتعيد النظر في التسمية !! من أبشع ما قد تراه العيون هو أن يأتي احد ما لكي يرهب امرأة ...
تتعرض المرأة إلى أنواع الإساءات ، تتعرض إلى الرهاب والإرهاب وصور العنف المختلفة ولكن ، من يهتم ؟؟ ومن يعترف بالكلمة من أساسها ؟؟ العنف ؟؟
أمضت هاجر ليلتها تفكر في بديل لكلمة العنف ضد المرأة ، لأنها وفي آخر محاضرة ألقتها في قسم الدراسات النسوية ، جامعة ... ، قد أيقنت بأن جمهور الرجال الذين حضروا إلى محاضراتها قد عبروا بأنه لا يوجد في المجتمع العراقي أي عنف يذكر ، وهي الأخرى كانت والى فترة معينة لا تعتقد بوجوده في المجتمع العراقي ، وإن ضرب الرجل لزوجته قد لا يدخل في هذا الباب عندها ..
ولكن زوجها رضوان ، كان قد أبدى رأيه هو الأخر في الموضوع ، فاخبرها بأن المرأة في مجتمعنا تتعرض لأنواع متعددة من الظلم قد لا نشعر بها !!
وقالت لربما يكون اهتمام النسوة من كافة المنظمات النسوية التي زارتها خلال دراستها لحقوق المرأة حين درست الماجستير في .... ، قد تكون هذه المنظمات كلها مجنونة ، أو لربما يكثر في مجتمع ما أنواع من العنف لإنألفها نحن ، فضرب الرجل لزوجته يستدعي طلب الشرطة من الزوجة ، إلى أن تقوم المرأة بعد عدة عمليات من الضرب المبرح المجنون إلى أن تهجر زوجها إلى المركز النسوي ، والملجأ النسوي ، وهذا الأمر مفروغ منه تماما لدينا لان النساء يذهبن إلى أهلهن ، والقرآن ذاته أشار إلى ضرورة تحكيم الأهل ، بحكمين همهما الإصلاح !!
قررت هاجر أن تبحث عن كلمة أخرى ، لذا قامت بالتحقيق في الموضوع إبتداءا !! وأخذت قلمها المتعب ، الكسول لكي يبحث عن امرأة ها هنا وأخرى ها هناك لكي يـتأكد لها على الأقل وجود الظاهرة ، ومن ثم فيما بعد قد تفكر بإثباتها في نظرية معينة أو اسم آخر أن ثبت وجودها !! لأن المعارضين لمحاضراتها ، يقولون في بدء كل محاضرة ، لا وجود للعنف ، أين هو يا امرأة ؟؟ إثبتيه لنا ؟؟ وكأنه يجب عليها أن تثبت وجود الكهرباء في سلك النحاس !!
على أي حال ، تعاونت معها بعض النسوة ، وقلن لها :: العنف موجود موجود !!
قالت لها ريما ، إنها كانت تركب الباص ، وكانت تحمل في يديها مجموعة من الأمتعة لكي توصلها إلى بعض الأسر الفقيرة في حي آخر، وإذا برجل قد جاءها من نهاية الباص وترك كل نساء الباص لكي يؤذيها هي بالذات ثم يضحك على فعلته الشنيعة لأنها كانت غريبة عن أهل ذلك الحي الفقير، وجاء ذلك الأحمق لكي يحتك بجسمها الصغير ويضحك هو وصديقه الأخرق على ما فعل !!
ظلت هاجر تبكي طيلة الليل وطوال يومين متتالين وهي تتحسر على قبح العمل الذي فعله ذلك الأبله !!
وقالت لها نهاد ، وكيف تتعجبين إن كنت أنا أيضا قد أخذت محاضرات الرياضيات وذهبت في ظهر احد الأيام في الشتاء الماضي لكي التقي طلابي في إحدى المدارس القريبة جدا من بيتنا ولكن لأن الشارع كان فارغا ولا احد يترك بيته في تلك الساعة ، فإنني فوجئت بأحد المراهقين وهو فوق دراجته الهوائية ليترك الشارع كله ويأتي ليضربني على ظهري وأنا في وسط الشارع الفارغ فلم املك سوى أن أقول له يا كلب !!
إذن هذه صور للتحرش الجنسي في الشارع ، وهو موجود في مجتمعاتنا ، وان لم يصل إلى درجة ظاهرة !! ترى احدهم إذا رأى امرأة لوحدها لا يسترعي حرمة الله ولا الدين حتى في مجتمعاتنا المسلمة !
وماذا عن الضرب ؟؟ والعنف المنزلي ؟؟
تذكرت ما قاله له لها رضوان ، وهل نسيت يا هاجر ما فعله ابن جيرانكم الأحمق بأخته المعلمة حين أشبعها ضربا في لحظة غضب وخرج بها إلى الشارع لأنها طالبت بحقها في ميراث البيت ، فقال لها إخوتها الثلاثة لاحق لك في أي شئ وتركوها بلا حصة ، ضربوها وهي قد ساهمت في بناء البيت أيضا ، وساهمت معهم في تأثيثه والصرف عليه منذ وفاة والدتها إلى أن كبروا وأصبحوا شبابا ، لكي تصبح عانسا ولا تتزوج وترعى أبناء الأخ الأصغر المتوفى ، وفي النهاية يكون لكل واحد منهم حق إلا هي !! وحتى الأطفال اخذوا حقوقهم في الميراث إلا هي !!
أن الظلم الاجتماعي واحد يقع في آخر أصقاع الأرض ، مثلما يقع في بلدنا ، ويقع ضد المرأة مثلما يقع على الرجل ولكن النساء في مجتمعنا أو كل المجتمعات هن مضحيات عادة ، يردن أن يعطين للرجال فرصة للظهور من خلال دعمهن وتشجيعهن ، وترى الواحدة منهن تربي أخاها كما لو كان ابنها ، وفي النهاية يتمرد عليها كما تمرد هؤلاء الجيران على أختهم الطاهرة!! وهم في الحقيقة ليسوا ذوي عدل أو دين ، ولا يعترفون حتى بالنصف الذي أحق للمرأة في القرآن فتراهم قد اكلو الثلث والنصف وكل الحصص !!
وهل نسيت يا هاجر ، ما فعله المسلحون وأبناء المليشيا القذرة في الحرب الأخيرة ؟؟ فعلوا ما لم تفعله حرب إيران أو حرب الكويت أو أي حرب ، دخلوا على البيوت لكي يسبون ويقتلون ، واستهدفوا النساء ووصموهن بالعار وعدم العفة والشرف بعد قتلهن لكي يشيعوا الرعب والذعر في المدينة ، أليس هذا يكفيك يا هاجر لكي تثبتي وجود العنف من عدمه ؟
كان رضوان يرتجف غضبا وهو يرى تساؤلات هاجر التجريدية ، كأنها تتجاهل ما حدث أو يحدث لأخواتها من النساء في مجتمع تحكمه مليشيا قذرة ، وهي تساؤلات العارف المتجاهل !!
لكن هاجر اعترفت بأنها تعلم بكل ما جرى وما يجري وما سيجري ، لكنها منذ يومين تتجادل وتتماطل مع هذه الكلمة (( العنف ضد المرأة )) لكي تحظى بكلمة أخرى أكثر قبولا !! كلمة يقر جميع من في مجتمعنا رجالا ونساءا بأن هنالك حيفا يقع على عاتق المرأة في مناسبات متعددة ولا احد يهتم حتى بتحديده او عرضه !!
كلمة تستطيع حين تنطق بها في محاضراتها أن ترى رجالا ونساءا يقولون : نعم هذا الظلم الاجتماعي قد وقع على عاتق المرأة !!
وبدلا من تقسيم العنف إلى منزلي وديني ، وسياسي واقتصادي ، وحقوق ملكية وغيرها ، على هاجر أن تجد كلمة جديدة توازي كلمة العنف ، هل تستخدم كلمة أذية المرأة !! ياله من اسم مضحك ؟؟ أم معاناة المرأة ؟؟ سيكون له نفس المشكلة ، سيقولون مم تعاني هي بخير والحمد لله !! وأين هو العنف ؟؟ النساء بخير والحمد لله!! أم تستخدم هاجر كلمة الاساءة إلى المرأة ، هاجر تحبذ استخدام كلمة أساءة أفضل !! لان العنف أحيانا يرتبط بالحروب او النزاعات الكبيرة ، لكنه قد لا يطلق على موقف تتعرض له المرأة في الباص مثلا !!
هنالك مظاهر من العنف تعرضت لها نساء في فترة نزوحهن من محافظة إلى أخرى ، نسوة رأين مظاهر متعددة من العنف تقع على أفراد أسرهن وهن ليس لهن من الأمر من شئ !!
ركزت الأستاذة هاجر ناظريها في السماء ، وتأسفت ، من المؤسف حقا ان تكون كلمة العنف ضد المرأة غير كافية للتعبير عما تعانيه النساء ... أن العنف ضد المرأة لا يعني دائما الضرب او الخطف او القتل ، انه قد يحدث أمامنا كل يوم ، ولكن لا احد يشعر به ، او لا يريد ان يحدده ويشير اليه ، بل ودائما ما يتم السكوت عنه تجافيا لنشر الحقائق المخزية !! لا بل من هي المرأة لكي يخسر البعض من جهده ووقته للكتابة عنها ؟؟ وما مصدر ما تعانيه ؟؟
قالت هاجر لرضوان بكل اسى ، أنها تشعر بالخزي والعار لعدم الخوض في هذه المواضيع ، ورضوان الطيب أيدها بأنه أول أنصارها ، ولابد من أن يساعدها في أعداد تقريرها عن حالة المرأة ووضعها وفقا للعينات التي جمعتها من بحثها السابق!! مسكينة المرأة تتعب وتكد وتكدح كثيرا في عالمنا هذا ، ولا احد من الممكن أن يشعر بما تعانيه مثلما تشعر به امرأة من بنات جنسها ، لكي تؤرخ وتكتب وترصد الأحداث.
تدور في خلد هاجر الذكريات عن أحداث كثيرة جرت لبنات جنسها ولم يرصدها إلا القليل وهذه الأحداث تقع فعلا تحت قائمة العنف بكل أشكاله ضد المرأة وهي تريد أن تكون ذلك الراصد ، ولكن قلمها الكسول ، لا يطاوعها أحيانا !! للكشف عن المستور ، ولو كشف الغطاء ما ازدادت هاجر يقينا ، لأنها ترى أمام عينيها أشباح المليشيا العفنة التي كانت تطارد النسوة في مدينتها وهي عاجزة عن فعل شئ ، .. أن الأمر يتطلب تدخل السلطات ولابد من التبليغ عن هذه الجرائم النكراء ، والسكوت هو الجريمة نفسها ، لكن رضوان طمأنها بأنه سيظل يؤيد بحثها المحموم عن الحقيقة حتى النهاية ، فابتسمت ، وهي تتأهب لكتابة مقال آخر من جديد !!
ولكنها قبل ذلك ، مازحت رضوان بقولها : ولكنك أيضا يا رضوان ، قد لا تضربني ، لكنك تجعلني اطبخ بعد أن أعود متعبة جدا من العمل ؟؟ أليس هذا من أنواع العنف المنزلي ؟؟ ضحك رضوان وقال لها : ولكنك أيضا كثيرة الشكوى وغالبا ما تتذمرين رغم أنني أساعدك في المنزل !!! فلست أعجب ان تأتين اليوم لتفترين : بدعة العنف المطبخي !! لكي تخلصي من ((شغل البيت )) !! أما هاجر فقد أعجبتها الكلمة ، وأخذت تستغل رضوان في كل مرة تشعر بها بالتعب والإرهاق قائلة :: مللت من العنف المطبخي !!!
----------------
* المصدر: أمنة محمد باقر amna.73@hotmail.com - الحوار المتمدن – www.ahewar.org العدد: 2695 – 2.7.2009
ب) الرجل الفظ !! **
رجل ... ما انزل الله به من سلطان !!
عندما توفي ولدها بالسرطان ، ذهب الأخ وتزوج أخرى !!
كانت تذهب إلى جارتها لتدور لها المسبحة .... تحسب مرات ومرات سبحان الله والحمد لله ... لعل الله يمن عليها بامرأة تشبع لها رغبات زوجها !!!
اجل توفي ولدها بالسرطان فكانت الجائزة ان ذهب يتزوج عليها ... طبعا هو عندما تزوجها كانت مسؤولة عن إنجاب البنين ... ذلك هو شغلها الوحيد وكانت عملية سهلة ...كان الحظ حليفها فأنجبت 4 أولاد ، وبنت حلوة !!
على أي حال ...الأخرى أيضا أرادت بنين رغم أن الأولى قد نقص عدد أولادها .... فأنجبت له ولدا بطئ النمو ... لأنها تزوجت متأخرة ... في الحقيقة هكذا كانت الفكرة مسبقا ... أن يتزوج امرأة من معارفها ... وهي تعرف أن في قرية أهلها البعيدة عن مركز المدينة توجد امرأة لم تتزوج ... وهكذا حصل !!
وعندما كان الحصار في أوجه في فترة التسعينيات ، كانت تلك المرأة قد جاهدت .... معه مصاعب الحياة ومشاقها وكلفة العيش وشظفه ... كان الحصار قد اوجب أعباء إضافية على النساء ، فالتي لا عرف أي حرفة أو مهنة لريما تبيع في أثاث بيتها ، لكنها كانت تتاجر بالأثاث الذي تبيعه النساء الأخريات ، ونجحت في ذلك ...
عموما عندما وقع البلاء ، حضرته لم يشكرها .... أعطاها جائزة الأوسكار التي يعطيها أمثاله ومن كان بمستواه إلى النساء اللواتي يعانين من صدمة ما !!
أن الجنس يكاد يكون عاملا حاسما في تزويج الرجال والنساء غير المتعلمين ، يعني انك عندما تزوجتها كنت لا تملك المال ، وعندما أردت الزواج من أخرى أيضا لازلت لا تملك المال ، لكنك تملك بضعة حيا من !!! تريد التخلص منها !!
لا ادري المتعلم أيضا لربما أن كانت إمكاناته محدودة !! ولكن انظر إلى هذا الرجل ، لا يقيم أدنى اعتبار لمشاعر امرأة فقدت ولدها وتعيش مع أحزانها وتحتاج إلى فترة سنة على الأقل لتعاود الإفاقة من الصدمة ، ولكي تتعامل مع أحزانها وأشجانها فأضاف لها حزنا وشجنا !!
لا ادري لم يكون ذاك ؟ هو ألان ينتظر من الأخرى أن تشتغل أيضا ! أما كيف تشتغل المرأة غير المتعلمة أن كانت صاحبة الشهادة غير قادرة على توظيف نفسها فحدث ولا حرج .. أوكي ... قال لها : أنت الجديدة تريدين مكانا منعزلا وبيتا منفصلا ، وليس ذاك بإمكاني ، وبدلا من أن يزوج أولاده بما كان لديه من مال زوج نفسه ، لذا على الجديدة أن تحير بتصريف شؤونها ، لأن احد الأسئلة المهمة في تصريف ذلك الزواج كان السؤال عن إمكاناتها المادية أيضا ، هو رجل يعرف كيف يدبر أموره الجنسية !!!!
عموما قامت الأخرى بعد أيام من الزواج ببيع جزء من مصوغات الذهب التي اشترتها في شبابها واشترت بيتا نصف مهدم ، قامت ببناءه ، ثم بدأت تخبز لأهل الحي ، وهكذا صار عندها وظيفة وزوج وبيت ، وتم تصريف المنتوج الشهير البائر الذائع الصيت ( امرأة ) ...
والأخرى أيضا لا نلومها ... لربما كان المجتمع قد قسي عليها كثيرا ... هي تنتمي إلى جيل الأولى نفسها ... كلاهما تقريبا في عمر متساوي ، أن لم تكن الثانية اصغر بخمس سنين .... المهم أنها كانت قادرة على أن تستجيب لضغط المجتمع وليس لضغط العامل الجنسي !!
لأن ضغط العامل الجنسي يضطر البعض للزواج ... لكن العفة التي تحملها المرأة تحفظها ... إلى أن تموت ... أو أن تتزوج زواجا خائبا من أمثال ذلك الرجل الخائب .... أو أن والدها يزوجها مبكرا ويخلص منها ... أن نسبة كبيرة من النساء اليوم تذهب إلى مقاعد الدراسة ... ونجح التعليم في تشكيل عقولهن وأفكارهن .... ولكن نسبة كبيرة في فترة سبقت قد تعود إلى الخمسينيات أو الأربعينيات كتلك المرأة التي فقدت ولدها ...
ولم تستطع أن تتعامل مع زوجها وأحزانها ...في آن واحد .... نسبة كبيرة منهن كان الحظ يخدمهن في الزواج في وقت مبكر ... لأن نمط الحياة في تلك الفترة كان يتطلب ذلك ...
عموما أن لا اعترض على الأقدار ولا على تركيبة المجتمع ... ولكن على هذه النماذج من الرجال التي لا تراعي النساء في تفاصيل دقيقة ومهمة كهذه ... لشدة فظاظتهم ... وان تلك لربما صفة غالبة ... والله المستعان... لك الله يا تلك التي ابتليت بالرجل الفظ !!
-------------
** المصدر: الحوار المتمدن – www.ahewar.org- العدد: 2828 – 13.11.2009
|