מאמרים
היסטוריה, זיכרונות
תרבות
Français English عربى  Etc.

أنفلونزا الحمير ...؟

بقلم مصطفي حقي *

أول مرة يبلغ الانزعاج مداه عند السيد ( أبو صابر ) وبعد نهيق احتجاجي طويل صاخب يدور حول نفسه وهو يخور : لقد فعلها ها الخنزير وسرق الضوء والشهرة مني .. ان العالم كله الآن يردد اسم الخنازير والداء المرافق له .. بينما أنا الصابر ابن الصابر صرت في قائمة المنسيين .. وتساءل لو رَكِبَ على ظهر خنزير طفل صغير لما استطاع حمله وتقافز وحَرِنَ ، أما أخوكم ( أبو صابر) يضعون فوق ظهري كيساً من القمح يتجاوز وزنه الـ100 كغ وأسير به عشرات الكيلومترات دون أن أتأفف وكل ذلك تحت لسعات عصا القائد الإنسان .. وبالنتيجة ( الحمار فين والخنزير فين ) ... وجكارة بكل خنازير العالم ومن يقف وراءهم فإنني سأتلبس هاذا المرض وسأعلنه بأحرف عرضة : أنفلونزا الحمير ..؟ وسأتحدى به كل تلك الدعاية الكبيرة والأضواء ومئات من المقالات والمقابلات الصحفية ... وانفراداً فإن داء أنفلونزا الحمير محصور بشعوب الشرق الأوسط وهم مصابين به منذ القديم ولكن تطور الفيروس من أنفلونزا جحشية قد انقلب إلى أنفلونزا حمارية خاصة بالشرق الأوسط فقط ولن يمر في بلاد الكفرة والخنازير .. وقبل أن أشرح تفاصيل المرض الجائحة القادم سأطلعكم على ملخص لسيرة أشهر حمار عربي في التاريخ الحديث ( حمار الحكيم ) من تأليف الروائي توفيق الحكيم عبر ويكيبيديا الموسوعة الحرة: يبدأ توفيق الحكيم روايته عندما كان يسير صباحا إلى حانوت الحلاق شاهد رجل قروي وقف المارة ينظرون إليه يحدقون بالحمار الصغير و بجمال منظره و رشاقته كان كأنه دمية أبيض كأنه قد رخام كما وصفه الحكيم و قد عرضه صاحبه للبيع فطلب فيه خمسين قرش و لكن الحكيم طلب فيه ثلاثين قرشا فقام أحد الرجال و هو بائع صحف يعرف الحكيم و يبيعه صحفه بجذب الجحش من يد صاحبه الفلاح و قام الحكيم بدفع ثمن الجحش و فجأة تذكر الحكيم أن الثمن الذي حدده للحمار الصغير خرج من فمه دون تفكير أو تدبير كان على سبيل المداعبة و لكن الحمار أصبح ملكه بعد أن دفع ثمنه و وضع الحكيم الحمار له عند صديقه بائع الصحف حتى يذهب إلى حانوت الحلاق و بعد خروجه من حانوت الحلاق أخذ الحمار.

و فكر الحكيم أن يأخذ إلى الريف القريب في مهمة غريبة فقرر أن يأخذه معه إلى غرفته في الفندق ريثما يحين وقت السفر فطلب من أحد الخدم أن يحمل الحمار بين ذراعيه و يصعد به سلم الخدم و يضعه خفية في حمام الغرفة التي يقيم فيها و قام الحكيم بدفع قطعة فضية للخادم لكي ينفذ ما طلب منه ثم توجه إلى غرفته و تأكد من وجود الحمار في حمام حجرته و طلب فنجان قهوة له و فنجان لبن ليقدمه للحمار و لكن الحمار لم يشرب من اللبن الذي وضع له و قد تحير الحكيم منه فقام باستدعاء السمسار الذي اشترى منه الحمار ليسأله عن السبب فقال له السمسار أن هذا الحمار عمره يومان و لا يشرب الحليب إلا بالرضاعة و يذهب الحكيم ليشتري زجاجة حليب من الأجزائي  كما يسميه توفيق الحكيم فطلب منه رضاعة تناسب الجحش الصغير فأعطاه زجاجة كبيرة في طرفها ثدي من مطاط و عندما عاد الحكيم و صعد إلى غرفته وجد بابها مفتوحا و تذكر أنه تركه سهوا عند ذهابه و عندما اتجه إلى الحمام لم يجد الحمار لكنه سمع ضحكات رقيقة تنبعث من إحدى الحجرات فمشى نحو الصوت فوجد الحمار واقفا أمام مرآة طويلة لخزانة ملابس يتأمل نفسه إلى جانب فتاة شقراء تضحك و أخبرته كيف أن الحمار كان يتجول في الطابق و يدخل كل حجرة يجد بابها مفتوحا و قد وصف توفيق الحكيم الحمار بقوله يا له من أحمق ! شأن أكثر الفلاسفة يبحثون عن أنفسهم في كل مرآة و لا يعيرون الجميلات التفاتا و عندما قدم الحكيم الرضاعة للحمار رفض أن يشرب فأخذت السيدة الرضاعة و قدمت اللبن للحمار.( انتهى) والآن أثبت لكم من خلال الرواية أن حمار الحكيم لو انه لم يتناول الحليب من يد سيدة جميلة لكان حمار حقاً .. وآن الأوان لأحدثكم عن تفاصيل داء أنفلونزا الحمير والذي لابد أنه قادم وحتمي وفي القريب العاجل .. سيصيب الإنسان الشرق أوسطي ودون أية أعراض أولية ودون أن يشعر المصاب انه قد تلبس الداء ولكن وبالفحص الطبي الدقيق سيثبت أن المصاب قد زاد (حمرنة) وحتى الضعف ، وصبراً حتى العظم وخضوعاً وذلاً إلى ما بعد الذروة .. وسيكون مواطناً مثالياً في دول الحرية والديمقراطية والأنثى ستضع دُبل نقاب بل سيسيرها الرجل عن طريق الاستشعار عن بعد وستخسر كثير من الكاتبات اللواتي تحدثن أن الإسلام قد ساوى الرجل بالمرأة وأعطاها كل الحقوق ( يا حسافة) وسيعلن الحكام العرب عن أفراحهم وغبطتهم تأييداً لداء أنفلونزا الحمير...؟ ولن يرشق العرب بعضهم بالحجارة من أجل مباريات قدمية ...!؟

------------------

* المصدر: الحوار المتمدن – www.ahewar.org – العدد 2831 – 16.11.2009

 

 

11/24/2009