في ذكرى القس د. شحادة شحادة (1939-2010)
الرئيس الأول للجنة الدفاع عن الأراضي

القس شحادة وزوجته دوريس شحادة
القس شحادة شحادة يروي قصّة مصادرة الأرض العربية*
ليوم الأرض تاريخ وقضية وليوم الأرض رجال صنعوه. أحد صانعي وقياديي يوم الأرض الأوائل، هو ابن كفرياسيف القسيس الدكتور شحادة شحادة (70 عاماً) أحد مؤسسي لجنة الدفاع عن الأراضي والرئيس الأول لها.
في بيته العامر بكفرياسيف التقيته، كان يجلس مع زوجته في حديقة المنزل بانتظاري، وببشاشة الوجه التي عرف بها ودماثة الخلق قال لي من بعيد: أهلاً وسهلاً.. الآن سأجهزّْ بنفسي فنجان من القهوة لأنني اعتدت أن أحضر القهوة كل صباح لزوجتي أم سمير.
ألزوجة دوريس شحادة (أم سمير)، طأطأت رأسها إلى الأسفل وقد بدا على سِماتها خجل متواضع نتيجة كلمات الإطراء التي بدرت عن القسيس وأثنت على الترحاب مرة ثانية.
ألقسيس: أليوم.. يوم الأرض 30 آذار، وقد اعتدت كل سنة في مثل هذا اليوم أن أشتغل بالأرض، يعني أنْكُشْ أُعَشِّبْ أزرع.. أشعر بمتعة وسعادة في ذلك... تفضّلْ لندخل.
الأرض بتْظَلّْ بقَلبنا وهذا الشعور بِنْتقِلْ لولادنا من بَعِدْنا
بعد أن جهزّ القسيس القهوة وقبل أن نبدأ لقاؤنا، دخلت أم سمير وبيدها كتاب صدر مؤخّراً بمناسبة يوم الأرض. جلست بقرب زوجها القسيس وقالت له بتأثر كبير: إعتدتُ أن أهديك في كل يوم أرض هدية.. قلبت أم سمير الصفحة الأولى وقرأت ما كتبته لزوجها القسيس: إلى زوجي العظيم.. بابا العظيم.. الأرض.. النضال.. ألأرض لها ذكريات فينا.. يوم الأرض له رهبة وله حنين في قلبي وذكرياتي، عشناها بقراراتها وببندقياتها وموت أولادها، كم كانت صعبة عليك وعليّْ... نحن باقون كعشب الأرض والزهر والبنفسج والياسمين والفلّْ... باقون. من زوجتك دوريس شحادة وأولادك سمير والعائلة وريما والعائلة.. من الأحفاد منير (ستّْ سنوات) ودوريس (سنتان)... هنا باقون.
ردّ القسيس قائلاً: بعد ما صادروا الأرض.. الأرض بتْظَلّْ بقَلبنا وهذا الشعور بِنْتقِلْ لولادنا من بَعِدْنا.
بِغْلَطْ كثير اللي بِتْرِك الأرض
أم سمير: في هذا الإهداء .. اولادنا وأحفادنا بِحملوا رسالة الأرض ورسالِة البقاء، لا يمكن إنّو نترك الأرض، بِغْلَطْ كثير اللي بِتْرِك الأرض، لأنّو كل عُمُرنا واحنا عايْشين فيها من أيام المسيح ولحتى أجا مُحَمَّدْ وعِشنا مسيحيين وإسلام مثل الإخْوِة.
القسيس:واليهود كمان، عشنا قبل قيام الدولِة، اسلام ومسيحيين ويهود ودروز بعلاقة احترام وصداقة... أم سمير: إن شاء الله بكون سلام اللي إحنا بَدنا ايّاه مِشْ السلام اللي بِنْفرَضْ علينا... القسيس: طبعاً سلام عادل.. أم سمير: إذا انْفرَضْ علينا ما بِكون سلام عادل.
أسكُتْ يَمّا الحيطان إلها أذنين تسمع أخوكْ معلِّم وأُختَكْ مْعلمِة بُكرَة بِقطَعوا لُقمِة عيشْنا
قلت: دعنا نتحدث عن بداياتك وأيام الشباب وما الذي دفعك للانخراط في العمل الوطني؟... القسيس: أنت تعرف، من سنة 1948 حتى 1966 كنّا تحت الحكم العسكري. كان عمري 17 سنة، وبعدني بفكِّر شو بَدّي أعمل بعد الدراسِة الثانويِّة. رُحتْ لعند الحاكم العسكري في كفرياسيف أطلُبْ تصريح حتى أنزل لحيفا لكن رفضوا يعطوني تصريح، فرجِعتْ عالبيت مْنَرْفِز وغَضبان وأقذِفْ على الحاكم العسكري وتَعامْلو السيء... أمّي رْكاضْ حَطَّت إيدها على ثُمّي وقالت: أسكُتْ يَمّا، الحيطان إلها أذنين تسمع، أخوكْ معلِّم وأُختَكْ مْعلمِة، بُكرَة بِقطَعوا لُقمِة عيشْنا.
وتابع القسيس: بحكيلَك هاي القصّة حتى تعرف كيف كُنّا كَعرب فلسطينيين عايْشين، كنا نْعيشْ تحت عامِل التهديد والخوف، ومْهدَّدينْ على لٌقمِة عيشنا. بْتِحكي كلمِة فِشْ إلَكْ تصريحْ، بتِحكي كلمِة فِشْ إلَكْ وظيفِة. بْتِخْنَع وِبتركَع في إلَكْْ كُلْ إشي، جوائِزْ ووظائِفْ وبَراطيلْ.
من هون بدي عِندي التحوُّلْ، إنّو مِشْ هيك لازِم تكون الحياة. صرت أفتِّشْ على وضِعْ آخر أعيشْ من خِلالُه، لأنّي كَشاب صغير كنت أؤمن بالتعايُشْ السلمي فاخترت في حينه الانضمام لصفوف شبيبِة حزب (مبام).
كرجل دين أستطيع التحدّث عن الحق وعن العدالة والسلام بقوّة أكثر من السياسيين
قلت: طيِّب وبعدين شو اللي صار معاك في التعليم؟.. القسيس: خلّصت المرحلِة الثانويِّة في كفرياسيف.. بعدها اشتغلت بأكثر من شَغْلِة، اشتغَلتْ بالتعليم، واشتغلت حدّادْ، واشتغلت في الزراعَة. بَسْ ولا مرّة حبّيت أكون معلِّمْ، ارتْبِطْ بِجرَسْ وبِأوقات محدَّدِة. بْديتْ أفكِّر أكون رجل دين في الكنيسِة والمجالات كانت مفتوحَة بشكل هائل. شُفت إنّو من خلال الكنيسِة بقْدر أمارس قناعاتي ومبادئي. فكّرت بهذا الطريق لأنّو فيه إصلاح اجتماعي، َفكّرت إنّي كرجُل دينْ ممكن أعمل إصلاح في مسألة الزواج والطلاق، في الحياة الاجتماعيِّة للناس وفي أمور كثيرِة أخرى.
أنا مِشْ رجُل سياسِة ولحدّْ اليوم أنا لا أؤمِن بالسياسِة. لكني كرجل دين أستطيع التحدّث عن الحق وعن العدالة والسلام بقوّة أكثر من السياسيين.
أنا وشفاعمرو أصدقاء لحد اليوم
قلت: درست اللاهوت؟... القسيس: سافرت لمدِّة أربع سنوات للهند لدراسِة اللاهوت. بعدين رْجِعتْ سنة 1968 بعد الاحتلال رأساً واشتغلت لمدّة سنتين في الكنيسِة الأسقفيّة في رام الله ونابلس، واشتغلت سنتين في الكنيسِة في القدس.. بعدها تركت نابلس وسافرت على بلاد الإنجليز لإكمال دراسة اللاهوت.. رْجِعت سنة 1973 وسكنت في شفاعمرو.
قلت: كيف أثّرت هذه التغيرات على شخصك، من الهند إلى الضفة إلى إنكلترا وعودة إلى شْفاعمِرْ؟... القسيس: كان شعوري جميل جداً بعودتي إلى بلادي. شفاعمرو بلد كثير طيْبِة، بِتحِترم وبتحب الغريب، كان إلي عُلاقَة مُميّزة مع كل الطوائف. كنت أحب الشفاعمريين وِيْحِبّوني وعِشت فيها من سنة 1972 لسنة 1980، لكن كنت مسؤول عنها لغاية سنة 1986، ولحد سنة 1990 كنت قسيس كفرياسيف وشفاعمرو معاً.. أنا وشفاعمرو أصدقاء لحدّْ اليوم.
في الخمسينيات عَرَضَتْْ الحركِة الصهيونيِّة على كنيستنا أن تبيع ممتلكاتها وأن نهاجِرْ عالبرازيلْ
قلت: في ظل الواقع الجديد اللي حل على الشعب الفلسطيني في ظروف الحكم العسكري شو كان دور الكنيسة؟
القسيس: من الأشياء اللي بَذكُرها، عَرَضَتْْ الحركِة الصهيونيِّة على أحد الأفراد في الكنيسة الأسقفية أن نبيع ممتلكات تابعة للكنيسِة وأن نهاجِرْ عالبرازيلْ، وهناك يشِْترولْنا قطعِة أرض كبيرِة نِعمَلْ فيها قريِة فلسطينية ونِشتغِل هناك ونعيشْ هناك، وصار في بَحث من هذا النوعْ في أحد المَجامِعْ في الكنيسِة، في أوائل سنوات الخمسينْ، وَرُفِضْ هذا العرضْ رَفْضاً باتاً.
قلت: يعني، مُخَطَّطْ تهجير المسيحيين من فلسطين هو مخطَّط صهيوني قديم مُبَيَّت منذ أوائل الخمسينيات؟ القسيس: نعم هذه الهجرة تحدث اليوم وهناك مجموعة من أبو سنان هاجروا إلى البرازيل وهذا أمر خطير.. ليس هذا فقط.. حتى بذكُر قبل ما أسافر إلى الهند في أواخر الخمسينيات كنت ساكِن في عَمارة ضَخمِة جداً للكنيسِة في حيفا، في منطقة إسمها سانت لوكْسْ على طرف وادي النسناس.. في كل غُرْفِة أو غُرُفْتين كانت ساكْنِة عيلِة أرمنيِّة.. كنت ألاحِظْ إنّو عدد السكان الأرمَنْ بِقِلّْ شوَيّْ شوَيّْ وبعدينْ اخْتَفوا كُلّْهِنْ، وِاللي تْبَيَّن إنّو إمرأة أرمنيِّة كانت ساكنِة في كندا، أظُنّْ إنّو زوجْها يهودي، وسَحبوا كل العائلات الأرمنيِّة من حيفا لَكندا.
قلت: هل كانت هجرتهم بفعل الإغراءات الماديِّة؟... القسيس: طبعاً، كانوا يدفَعولْهِن أجرة السفر، ويعطوهُم دار للسكن، ووظيفِة للعمل.. اليوم تعيش هذه العائِلات في كندا ما عدا عيلِة وَحَدِة بِقيَت في العمارة في حيفا حتى هذا اليوم.
قلت: يعني هذا مُخطَّط صهيوني قديم جديد؟... القسيس: بالتأكيد هذا مخطط الترحيل للحركِة الصهيونيِّة، وأكثر من ذلك أنا قلت إنّو أرضنا صودرت منذ أول مؤتمر صهيوني عالمي عقد في بازِل في سويسرا عام 1897، هناك أعلن هرتسل إنّو الشعب اليهودي هو شعب بلا وطن وأرض، وهناك في فلسطين أرض بلا شعب. من هنا بدأت المؤامرة على فلسطين وهذا أمر واضح جداً.
الضابِط هو رئيسَك إنتي مِشْ رئيسي أنا.. هايْ منطِقة كنيسِة وما بَسْمَحلَك تْفوت من هون
قلت: تقصد أن للكنيسة كان دور هام في معركة البقاء؟... القسيس: نعم على هذا الأساس ساهمت كنيسِتنا في ترسيخْ جُذورنا في الوطن ضد مؤامرة الترحيل.. بَذكُرْ وأنا في نابلِسْ كان عُمري بِحدودْ الثلاثين، كنت ساكِن في بيت تابِع للكنيسِة، لأنّو كان المُتّبعْ أن تُزَوِّد الكنيسِة بيت ليسكُنه القسيس في منطقة خدمته.. كُنت مُستاء من الحُكم العسكري وتعامُل الجيش الفَظّْ مع أبناء شعبنا الفلسطينيين. فجأة كنت تشوف الجيشْ ناصِبْ الحواجِز وفارِضْ منع التجوُّلْ ويِتْحَكّموا بحُريِّة الناس وتنقُّلهِن.. أذكُر في إحدى المرات كان الطقس شتاء وإذْ يُطرَقْ الباب بالليل، فَتحت الباب وإذا بجنديين يهوديين أمام البيت.. بِقُللي الضابِط: أعطي هذا الجندي يِطلَعْ عِندَكْ على سَطح البيت..وسَحب حالو الضابِِط وراحْ... فات الجندي على البيت بِسألني: من وينْ بِطْلَعوا على السطح؟.. قُلْتِلّو: استنى استنّى شويّْ، مين اللي قَلّك إنّو أنا بَدّي أسْمَحلَكْ تِطلَعْ على سَطِحْ بيتي!.. جاوَبني الجندي: الضابِط هو اللي طلب مني... جاوَبْتو: الضابِط طلب مِنّك إنتي، بَسْ أنا ما بدِي تِطلع على سطِحْ بيتي..قال الجندي: بَسْ أنا مَجبورْ أطلع على سطح البيت، بَدّي أحرُسْ من فوق.. قُلتِلّو: إنزل عالشارِع أُحرُسْ من تحتْ، ليشْ تُحرُسْ عن سطح بيتي!.. رِجِع الجندي قللي: الضابِطْ طلب منّي.. قُلتِلّو: الضابِط هو رئيسَك إنتي مِشْ رئيسي أنا، ما بِصيرْ هذا الحكي، هايْ منطِقة كنيسِة وما بَسْمَحلَك تْفوت من هون... بعد شْوَيّْ أجا الضابِط بِقُللي: ليشْ ما بْتِسمح للجندي يِطلع على سطح البيت إحنا بَدنا نُحُرسَكْ!.. جاوَبْت الضابِط: أنا ما طَلبتْ حِراسِة مِن حدى.
وتابَع القسيس: كان مَطلبي حقّْ لأني، ساكِن في إسرائيل وجندي يهودي فوق بيتي في نابلس بِحرُسني.. شو بَدها الناسْ تْقولْ عَنّي!.. يعني تفسيرها أن أكون بنظر الناس عميل سُلطَة وبَتْعامَلْ معهُم.. أنا مِشْ عميل، أنا بتْعامَلْ بَسْ لَربّي وبَشتغِلْ بَسْ للحق.
أخذوني أنا وناجي فرح على المحكمة وادّعوا إنّو حَطّينا حواجِزْ على الشوارع ورَمينا حجارة
قلت: كيف بدي نشاطك الوطني في الدفاع عن الأرض؟... القسيس: لما أُعلنت السلطة خطة لمصادرة الأراضي العربية في البطوف سنة 1975 كنت أحد أفراد المجموعة المؤسسة للجنة الدفاع عن الأراضي وعددها ثلاثين شخص، اجتمعنا في حيفا وبحثنا كيفية التعامل مع هذه المصادرة، وعلى هذا الأساس صُرنا نْحضِّر نشاطات وفعاليات في جميع أنحاء البلاد ضد مصادرة الأراضي.
وتابَع القسيس: عشية أحداث يوم الأرض سنة 1976 كنت شفاعمري وأسكن في شْفاعمِرْ.. وبذكُر اجتماعين مهمّين للدفاع عن الأرض. إجتماع شعبي شارك فيه كل أهل البلد، كنت مُلاحق وفي خوف على حياتي وخطر الاعتداء عليّْ من قبل عملاء السلطة مُتوَقّع في كل لحظة.. وبذكُر الضغوطات اللي مارسوها ضدّي والتحقيقات البوليسيِّة المتواصلِة وفي إحدى المرات أخذوني أنا وشاب إسمو ناجي فرح من شْفاعمِرْ على المحكمة وادّعوا إنّو حَطّينا حواجِزْ على الشوارع ورَمينا حجارة على الشرطة ووَزِّعنا مناشير غير قانونيِّة.
بَذكُر بوليس من شْفاعمِرْ طلَب منّي أرافقو بسيارِة البوليس على المحكمِة، رفضت وقُلتِلّو: معي سيارَة، وفِعلاً سافرت بسيارتي ورافقني بالسيارة أحد أفراد الشرطة. وبعد ما قرأ الحاكم الاتهامات الموجّهة ضدنا سأل القاضي النيابة: هل عند الشرطة إدلّة تدين المتهّمين؟.. ردّْ ممثل النيابة: لا توجد أدلّة.. عندها غضب الحاكم وأطلق سراحنا بكفالِة شخصيِّة. أجا البوليس اللي سافر معي بسيارتي بّدّو يِرجَع على شفاعمِر سألني: طَبعاً يا قسّيس إنتي راجِع على شْفاعمِرْ؟.. قُلتِلّو: لا لا أنا مِش راجِع على شفاعمرو، روح دبِّر حالَك. هون في محطِّة شرطة إذا بَدَّك بَوصّْلَك إلها وهُنِّ يوخْذوكْ على شفاعمِرْ، أو خُذْ باصْ ورَوِّحْ، أنا مِشْ مسؤول عنّكْ..طبعاً نَرْفَزْ البوليس ومِشي... يِنَرْفِزْ هو حُر، يعني جايْبينّي عالمحكمِة وبَدّي أخدِمْهِن كمانْ!!؟.
دير بالَك قسيس، سَكِّر سيارْتَك، وحُطّْ حِراسِة عليها، أحسن لَيِعمَلوا شي عَملِة أو يتِّهموك بْشي تُهمِة
قلت: وشو صار في الاجتماع الشعبي؟.. القسيس: بعد هايْ المحكمِة فرضوا حالِة من الخوفْ بين الناس.. كانوا اصحابي دايْماً يقولولي: دير بالَك قسيس، سَكِّر سيارْتَك، وحُطّْ حِراسِة عليها، أحسن لَيِعمَلوا شي عَملِة أو يتِّهموك بْشي تُهمِة... على هذا الأساس تْجَنَّدت كشافِّة الكاثوليك في شْفاعمِرْ كلّها لَحِراسِة الاجتماع الشعبي من أيْ اعتداء من قِبَلْ أعوان السُلطَة. وأقمنا الاجتماع الشعبي بدون أيّْ مُشكلِة، وألقيتْ أنا فيه كلمِة وألقيت كلمات أخرى من المُطران (الحالي) الياس شَقّور وناجي فرح وابراهيم نمر حسين (أبو حاتم)، وطارق عبد الحيّْ وجمال طربيه.
ولَكْ يا جمال أنا عِندي مرسيدِسْ ومن الطيبِة كثير أقربْلي على القُدس إنتي بْسخنين ما كان عِندَك كُرّْ كُنتْ تِطلَع بالباص وتُسبُقني
لما ذكر القسيس اسم طارق عبد الحي ضحك لأنه استذكر نادرة حدثت معه وقال: بعد الاجتماع الشعبي رُحنا كُلنا تْعَشّينا عِند ناجي فرح، كان طارق عبد الحيّْ جديد فايِتْ في موضوعْ الدفاع عن الأرض. طارِق بقدَرشْ إلاّ يِمزَحْ ويِضْحكْ.. قال طارق لجمال طربيه طبعاً بالمزِحْ: ولَكْ يا جمال صُرتْ قومي إسّا؟.. ردّْ جمال: آه وغَصْبِنْ عَنَّكْ كمانْ..قللو طارق: بْتِتذَكَّر لما كنت تِشتْغِل بالهستدروت؟.. ردّْ جمال: آه بَتْذكَّرْ.. قللو طارِق: أنا كنت أشتغِلْ مَعَكْ.. زَيّي زَيَّكْ، يعني إحنا الاثنين كُنّا خَوَن.
ضِحِكْ القسيسْ ضُحكِة متواصْلِة وتابَع: هيكْ كان طارِق وجمال يِمزحوا مع بعض دايْماً... قام طارق عبد الحيّْ قال لَجمال: مِتْذَكِّر لمّا كنّا نِطلَعْ سوى نِعمَلْ اجتماعات في القُدس؟.. ردّْ جمال: آه طبعاً بَذكُرْ.. قللو طارق: ولَكْ يا جمال أنا عِندي مرسيدِسْ، ومن الطيبِة كثير أقربْلي على القُدس.. إنتي بْسخنين ما كان في عِندَك كُرّْ، كُنتْ تِطلَع بالباص، وقدّْ ما إنتي عَميلْ وسَريعْ بِالعَمالِة كنت بالباصْ تِسبُقني وتِصَلْ قَبلي.. وصار طارِق وجمال يِضْحَكوا وما كانو يِقدَروا يِجتِمعوا بِدون مزح وضُحِكْ.. ابراهيم نمر حسين قام ضِحِكْ مَعهِن، قَلّلو طارِقْ: وإنتي بْتِضْحك ليش، إنتي كنت مِثِلنا مِثلَك....وْضِحكوا الجميع وروّح كل واحد على بلَدو.
بهايْ اللحظة فاتت أم سمير وقَعدت حدّْ زوجها القسيس، وبِدي حِوارْ مُشَوِّق بينهم لكن سنواصله ونتمِّم كمالِة اللقاء في عدد الحقيقة في الأسبوع القادم.
أيام المسيح ولحتى أجا مُحَمَّدْ وعِشنا مسيحيين وإسلام مثل الإخْوِة.
القسيس:واليهود كمان، عشنا قبل قيام الدولِة، اسلام ومسيحيين ويهود ودروز بعلاقة احترام وصداقة... أم سمير: إن شاء الله بكون سلام اللي إحنا بَدنا ايّاه مِشْ السلام اللي بِنْفرَضْ علينا... القسيس: طبعاً سلام عادل.. أم سمير: إذا انْفرَضْ علينا ما بِكون سلام عادل.
أسكُتْ يَمّا الحيطان إلها أذنين تسمع أخوكْ معلِّم وأُختَكْ مْعلمِة بُكرَة بِقطَعوا لُقمِة عيشْنا
قلت: دعنا نتحدث عن بداياتك وأيام الشباب وما الذي دفعك للانخراط في العمل الوطني؟... القسيس: أنت تعرف، من سنة 1948 حتى 1966 كنّا تحت الحكم العسكري. كان عمري 17 سنة، وبعدني بفكِّر شو بَدّي أعمل بعد الدراسِة الثانويِّة. رُحتْ لعند الحاكم العسكري في كفرياسيف أطلُبْ تصريح حتى أنزل لحيفا لكن رفضوا يعطوني تصريح، فرجِعتْ عالبيت مْنَرْفِز وغَضبان وأقذِفْ على الحاكم العسكري وتَعامْلو السيء... أمّي رْكاضْ حَطَّت إيدها على ثُمّي وقالت: أسكُتْ يَمّا، الحيطان إلها أذنين تسمع، أخوكْ معلِّم وأُختَكْ مْعلمِة، بُكرَة بِقطَعوا لُقمِة عيشْنا.
وتابع القسيس: بحكيلَك هاي القصّة حتى تعرف كيف كُنّا كَعرب فلسطينيين عايْشين، كنا نْعيشْ تحت عامِل التهديد والخوف، ومْهدَّدينْ على لٌقمِة عيشنا. بْتِحكي كلمِة فِشْ إلَكْ تصريحْ، بتِحكي كلمِة فِشْ إلَكْ وظيفِة. بْتِخْنَع وِبتركَع في إلَكْْ كُلْ إشي، جوائِزْ ووظائِفْ وبَراطيلْ.
من هون بدي عِندي التحوُّلْ، إنّو مِشْ هيك لازِم تكون الحياة. صرت أفتِّشْ على وضِعْ آخر أعيشْ من خِلالُه، لأنّي كَشاب صغير كنت أؤمن بالتعايُشْ السلمي فاخترت في حينه الانضمام لصفوف شبيبِة حزب (مبام).
كرجل دين أستطيع التحدّث عن الحق وعن العدالة والسلام بقوّة أكثر من السياسيين
قلت: طيِّب وبعدين شو اللي صار معاك في التعليم؟.. القسيس: خلّصت المرحلِة الثانويِّة في كفرياسيف.. بعدها اشتغلت بأكثر من شَغْلِة، اشتغَلتْ بالتعليم، واشتغلت حدّادْ، واشتغلت في الزراعَة. بَسْ ولا مرّة حبّيت أكون معلِّمْ، ارتْبِطْ بِجرَسْ وبِأوقات محدَّدِة. بْديتْ أفكِّر أكون رجل دين في الكنيسِة والمجالات كانت مفتوحَة بشكل هائل. شُفت إنّو من خلال الكنيسِة بقْدر أمارس قناعاتي ومبادئي. فكّرت بهذا الطريق لأنّو فيه إصلاح اجتماعي، َفكّرت إنّي كرجُل دينْ ممكن أعمل إصلاح في مسألة الزواج والطلاق، في الحياة الاجتماعيِّة للناس وفي أمور كثيرِة أخرى.
أنا مِشْ رجُل سياسِة ولحدّْ اليوم أنا لا أؤمِن بالسياسِة. لكني كرجل دين أستطيع التحدّث عن الحق وعن العدالة والسلام بقوّة أكثر من السياسيين.
أنا وشفاعمرو أصدقاء لحد اليوم
قلت: درست اللاهوت؟... القسيس: سافرت لمدِّة أربع سنوات للهند لدراسِة اللاهوت. بعدين رْجِعتْ سنة 1968 بعد الاحتلال رأساً واشتغلت لمدّة سنتين في الكنيسِة الأسقفيّة في رام الله ونابلس، واشتغلت سنتين في الكنيسِة في القدس.. بعدها تركت نابلس وسافرت على بلاد الإنجليز لإكمال دراسة اللاهوت.. رْجِعت سنة 1973 وسكنت في شفاعمرو.
قلت: كيف أثّرت هذه التغيرات على شخصك، من الهند إلى الضفة إلى إنكلترا وعودة إلى شْفاعمِرْ؟... القسيس: كان شعوري جميل جداً بعودتي إلى بلادي. شفاعمرو بلد كثير طيْبِة، بِتحِترم وبتحب الغريب، كان إلي عُلاقَة مُميّزة مع كل الطوائف. كنت أحب الشفاعمريين وِيْحِبّوني وعِشت فيها من سنة 1972 لسنة 1980، لكن كنت مسؤول عنها لغاية سنة 1986، ولحد سنة 1990 كنت قسيس كفرياسيف وشفاعمرو معاً.. أنا وشفاعمرو أصدقاء لحدّْ اليوم.
في الخمسينيات عَرَضَتْْ الحركِة الصهيونيِّة على كنيستنا أن تبيع ممتلكاتها وأن نهاجِرْ عالبرازيلْ
قلت: في ظل الواقع الجديد اللي حل على الشعب الفلسطيني في ظروف الحكم العسكري شو كان دور الكنيسة؟
القسيس: من الأشياء اللي بَذكُرها، عَرَضَتْْ الحركِة الصهيونيِّة على أحد الأفراد في الكنيسة الأسقفية أن نبيع ممتلكات تابعة للكنيسِة وأن نهاجِرْ عالبرازيلْ، وهناك يشِْترولْنا قطعِة أرض كبيرِة نِعمَلْ فيها قريِة فلسطينية ونِشتغِل هناك ونعيشْ هناك، وصار في بَحث من هذا النوعْ في أحد المَجامِعْ في الكنيسِة، في أوائل سنوات الخمسينْ، وَرُفِضْ هذا العرضْ رَفْضاً باتاً.
قلت: يعني، مُخَطَّطْ تهجير المسيحيين من فلسطين هو مخطَّط صهيوني قديم مُبَيَّت منذ أوائل الخمسينيات؟ القسيس: نعم هذه الهجرة تحدث اليوم وهناك مجموعة من أبو سنان هاجروا إلى البرازيل وهذا أمر خطير.. ليس هذا فقط.. حتى بذكُر قبل ما أسافر إلى الهند في أواخر الخمسينيات كنت ساكِن في عَمارة ضَخمِة جداً للكنيسِة في حيفا، في منطقة إسمها سانت لوكْسْ على طرف وادي النسناس.. في كل غُرْفِة أو غُرُفْتين كانت ساكْنِة عيلِة أرمنيِّة.. كنت ألاحِظْ إنّو عدد السكان الأرمَنْ بِقِلّْ شوَيّْ شوَيّْ وبعدينْ اخْتَفوا كُلّْهِنْ، وِاللي تْبَيَّن إنّو إمرأة أرمنيِّة كانت ساكنِة في كندا، أظُنّْ إنّو زوجْها يهودي، وسَحبوا كل العائلات الأرمنيِّة من حيفا لَكندا.
قلت: هل كانت هجرتهم بفعل الإغراءات الماديِّة؟... القسيس: طبعاً، كانوا يدفَعولْهِن أجرة السفر، ويعطوهُم دار للسكن، ووظيفِة للعمل.. اليوم تعيش هذه العائِلات في كندا ما عدا عيلِة وَحَدِة بِقيَت في العمارة في حيفا حتى هذا اليوم.
قلت: يعني هذا مُخطَّط صهيوني قديم جديد؟... القسيس: بالتأكيد هذا مخطط الترحيل للحركِة الصهيونيِّة، وأكثر من ذلك أنا قلت إنّو أرضنا صودرت منذ أول مؤتمر صهيوني عالمي عقد في بازِل في سويسرا عام 1897، هناك أعلن هرتسل إنّو الشعب اليهودي هو شعب بلا وطن وأرض، وهناك في فلسطين أرض بلا شعب. من هنا بدأت المؤامرة على فلسطين وهذا أمر واضح جداً.
الضابِط هو رئيسَك إنتي مِشْ رئيسي أنا.. هايْ منطِقة كنيسِة وما بَسْمَحلَك تْفوت من هون
قلت: تقصد أن للكنيسة كان دور هام في معركة البقاء؟... القسيس: نعم على هذا الأساس ساهمت كنيسِتنا في ترسيخْ جُذورنا في الوطن ضد مؤامرة الترحيل.. بَذكُرْ وأنا في نابلِسْ كان عُمري بِحدودْ الثلاثين، كنت ساكِن في بيت تابِع للكنيسِة، لأنّو كان المُتّبعْ أن تُزَوِّد الكنيسِة بيت ليسكُنه القسيس في منطقة خدمته.. كُنت مُستاء من الحُكم العسكري وتعامُل
الجيش الفَظّْ مع أبناء شعبنا الفلسطينيين. فجأة كنت تشوف الجيشْ ناصِبْ الحواجِز وفارِضْ منع التجوُّلْ ويِتْحَكّموا بحُريِّة الناس وتنقُّلهِن.. أذكُر في إحدى المرات كان الطقس شتاء وإذْ يُطرَقْ الباب بالليل، فَتحت الباب وإذا بجنديين يهوديين أمام البيت.. بِقُللي الضابِط: أعطي هذا الجندي يِطلَعْ عِندَكْ على سَطح البيت..وسَحب حالو الضابِِط وراحْ... فات الجندي على البيت بِسألني: من وينْ بِطْلَعوا على السطح؟.. قُلْتِلّو: استنى استنّى شويّْ، مين اللي قَلّك إنّو أنا بَدّي أسْمَحلَكْ تِطلَعْ على سَطِحْ بيتي!.. جاوَبني الجندي: الضابِط هو اللي طلب مني... جاوَبْتو: الضابِط طلب مِنّك إنتي، بَسْ أنا ما بدِي تِطلع على سطِحْ بيتي..قال الجندي: بَسْ أنا مَجبورْ أطلع على سطح البيت، بَدّي أحرُسْ من فوق.. قُلتِلّو: إنزل عالشارِع أُحرُسْ من تحتْ، ليشْ تُحرُسْ عن سطح بيتي!.. رِجِع الجندي قللي: الضابِطْ طلب منّي.. قُلتِلّو: الضابِط هو رئيسَك إنتي مِشْ رئيسي أنا، ما بِصيرْ هذا الحكي، هايْ منطِقة كنيسِة وما بَسْمَحلَك تْفوت من هون... بعد شْوَيّْ أجا الضابِط بِقُللي: ليشْ ما بْتِسمح للجندي يِطلع على سطح البيت إحنا بَدنا نُحُرسَكْ!.. جاوَبْت الضابِط: أنا ما طَلبتْ حِراسِة مِن حدى.
وتابَع القسيس: كان مَطلبي حقّْ لأني، ساكِن في إسرائيل وجندي يهودي فوق بيتي في نابلس بِحرُسني.. شو بَدها الناسْ تْقولْ عَنّي!.. يعني تفسيرها أن أكون بنظر الناس عميل سُلطَة وبَتْعامَلْ معهُم.. أنا مِشْ عميل، أنا بتْعامَلْ بَسْ لَربّي وبَشتغِلْ بَسْ للحق.
أخذوني أنا وناجي فرح على المحكمة وادّعوا إنّو حَطّينا حواجِزْ على الشوارع ورَمينا حجارة
قلت: كيف بدي نشاطك الوطني في الدفاع عن الأرض؟... القسيس: لما أُعلنت السلطة خطة لمصادرة الأراضي العربية في البطوف سنة 1975 كنت أحد أفراد المجموعة المؤسسة للجنة الدفاع عن الأراضي وعددها ثلاثين شخص، اجتمعنا في حيفا وبحثنا كيفية التعامل مع هذه المصادرة، وعلى هذا الأساس صُرنا نْحضِّر نشاطات وفعاليات في جميع أنحاء البلاد ضد مصادرة الأراضي.
وتابَع القسيس: عشية أحداث يوم الأرض سنة 1976 كنت شفاعمري وأسكن في شْفاعمِرْ.. وبذكُر اجتماعين مهمّين للدفاع عن الأرض. إجتماع شعبي شارك فيه كل أهل البلد، كنت مُلاحق وفي خوف على حياتي وخطر الاعتداء عليّْ من قبل عملاء السلطة مُتوَقّع في كل لحظة.. وبذكُر الضغوطات اللي مارسوها ضدّي والتحقيقات البوليسيِّة المتواصلِة وفي إحدى المرات أخذوني أنا وشاب إسمو ناجي فرح من شْفاعمِرْ على المحكمة وادّعوا إنّو حَطّينا حواجِزْ على الشوارع ورَمينا حجارة على الشرطة ووَزِّعنا مناشير غير قانونيِّة.
بَذكُر بوليس من شْفاعمِرْ طلَب منّي أرافقو بسيارِة البوليس على المحكمِة، رفضت وقُلتِلّو: معي سيارَة، وفِعلاً سافرت بسيارتي ورافقني بالسيارة أحد أفراد الشرطة. وبعد ما قرأ الحاكم الاتهامات الموجّهة ضدنا سأل القاضي النيابة: هل عند الشرطة إدلّة تدين المتهّمين؟.. ردّْ ممثل النيابة: لا توجد أدلّة.. عندها غضب الحاكم وأطلق سراحنا بكفالِة شخصيِّة. أجا البوليس اللي سافر معي بسيارتي بّدّو يِرجَع على شفاعمِر سألني: طَبعاً يا قسّيس إنتي راجِع على شْفاعمِرْ؟.. قُلتِلّو: لا لا أنا مِش راجِع على شفاعمرو، روح دبِّر حالَك. هون في محطِّة شرطة إذا بَدَّك بَوصّْلَك إلها وهُنِّ يوخْذوكْ على شفاعمِرْ، أو خُذْ باصْ ورَوِّحْ، أنا مِشْ مسؤول عنّكْ..طبعاً نَرْفَزْ البوليس ومِشي... يِنَرْفِزْ هو حُر، يعني جايْبينّي عالمحكمِة وبَدّي أخدِمْهِن كمانْ!!؟.
دير بالَك قسيس، سَكِّر سيارْتَك، وحُطّْ حِراسِة عليها، أحسن لَيِعمَلوا شي عَملِة أو يتِّهموك بْشي تُهمِة
قلت: وشو صار في الاجتماع الشعبي؟.. القسيس: بعد هايْ المحكمِة فرضوا حالِة من الخوفْ بين الناس.. كانوا اصحابي دايْماً يقولولي: دير بالَك قسيس، سَكِّر سيارْتَك، وحُطّْ حِراسِة عليها، أحسن لَيِعمَلوا شي عَملِة أو يتِّهموك بْشي تُهمِة... على هذا الأساس تْجَنَّدت كشافِّة الكاثوليك في شْفاعمِرْ كلّها لَحِراسِة الاجتماع الشعبي من أيْ اعتداء من قِبَلْ أعوان السُلطَة. وأقمنا الاجتماع الشعبي بدون أيّْ مُشكلِة، وألقيتْ أنا فيه كلمِة وألقيت كلمات أخرى من المُطران (الحالي) الياس شَقّور وناجي فرح وابراهيم نمر حسين (أبو حاتم)، وطارق عبد الحيّْ وجمال طربيه.
ولَكْ يا جمال أنا عِندي مرسيدِسْ ومن الطيبِة كثير أقربْلي على القُدس إنتي بْسخنين ما كان عِندَك كُرّْ كُنتْ تِطلَع بالباص وتُسبُقني
لما ذكر القسيس اسم طارق عبد الحي ضحك لأنه استذكر نادرة حدثت معه وقال: بعد الاجتماع الشعبي رُحنا كُلنا تْعَشّينا عِند ناجي فرح، كان طارق عبد الحيّْ جديد فايِتْ في موضوعْ الدفاع عن الأرض. طارِق بقدَرشْ إلاّ يِمزَحْ ويِضْحكْ.. قال طارق لجمال طربيه طبعاً بالمزِحْ: ولَكْ يا جمال صُرتْ قومي إسّا؟.. ردّْ جمال: آه وغَصْبِنْ عَنَّكْ كمانْ..قللو طارق: بْتِتذَكَّر لما كنت تِشتْغِل بالهستدروت؟.. ردّْ جمال: آه بَتْذكَّرْ.. قللو طارِق: أنا كنت أشتغِلْ مَعَكْ.. زَيّي زَيَّكْ، يعني إحنا الاثنين كُنّا خَوَن.
ضِحِكْ القسيسْ ضُحكِة متواصْلِة وتابَع: هيكْ كان طارِق وجمال يِمزحوا مع بعض دايْماً... قام طارق عبد الحيّْ قال لَجمال: مِتْذَكِّر لمّا كنّا نِطلَعْ سوى نِعمَلْ اجتماعات في القُدس؟.. ردّْ جمال: آه طبعاً بَذكُرْ.. قللو طارق: ولَكْ يا جمال أنا عِندي مرسيدِسْ، ومن الطيبِة كثير أقربْلي على القُدس.. إنتي بْسخنين ما كان في عِندَك كُرّْ، كُنتْ تِطلَع بالباص، وقدّْ ما إنتي عَميلْ وسَريعْ بِالعَمالِة كنت بالباصْ تِسبُقني وتِصَلْ قَبلي.. وصار طارِق وجمال يِضْحَكوا وما كانو يِقدَروا يِجتِمعوا بِدون مزح وضُحِكْ.. ابراهيم نمر حسين قام ضِحِكْ مَعهِن، قَلّلو طارِقْ: وإنتي بْتِضْحك ليش، إنتي كنت مِثِلنا مِثلَك....وْضِحكوا الجميع وروّح كل واحد على بلَدو.
------------
* أجرى اللقاء رفيق بكري / موقع الحقيقة, كفرياسيف, 4.4.2009. http://www.al-haqeeqa.net/
|