عن الإرهاب الإخوانى
بقلم: رفعت السعيد*
سنمضى، ولن نمل من التكرار، فى فضح التاريخ الإرهابى لجماعة الإخوان، وليس فى الأمر مشاغبة أو مكايدة لكن الحق الحقيقى هو الذى يتطلب التوبة العلنية وليس الإنكار الذى لا يصدقه أحد، سنواصل حتى نجبر الإخوان على الصعود لأعلى مئذنة ليعلنوا توبتهم عما ارتكبوه من أفعال إرهابية، والتوبة العلنية هنا ضرورة شرعية لأن الكتب الإخوانية التى اعترف أصحابها بممارسة الفعل الإرهابى وتمجيده واعتباره أداة شرعية ووسيلة جهادية، لا تزال تملأ المكتبات، فإن طالعها أحد واقتنع بها ثم فعل ما فعلوا، فإن وزره سيكون على أكتاف الجماعة ابتداءً من مؤسسها وحتى أحدث عضو فيها، ولهذا يجب أن تكون التوبة علنية حتى تبرأ ذمة الجماعة مما تورده هذه الكتب من تمجيد للقتل والإرهاب، وحتى يتربى العضو الإخوانى الجديد على الروح الإسلامية الحقة فى التعامل مع المخالفين فى الرأى.
ولهذا نواصل.
فالجهاز السرى الإخوانى أنكر الإخوان وجوده، وفى أحيان أخرى اضطروا للاعتراف به مؤكدين أنه كان فقط لمحاربة الاستعمار والصهيونية.. فهل كان الأمر كذلك فعلاً ؟ الحقيقة أن عديداً من الكتب الإخوانية تبارى أصحابها فى التباهى بارتكاب الجرائم زاعمين أنها جهاد.. وحتى المستشار أكرر كلمة «المستشار» حسن الهضيبى عندما تولى قيادة الجماعة أبلغه سيد فايز بأن قادة الجهاز السرى مكشوفون للبوليس، خاصة أن قائد الجهاز «عبدالرحمن السندى» كما يورد القائد الإخوانى صلاح شادى «قد اتخذ موقفاً متخاذلاً فى تحقيقات قضية السيارة الجيب، الأمر الذى أدى إلى كشف كثير من الوقائع والأشخاص بمجرد التحقيق معه فى البوليس والنيابة»..
(حصاد العمر - صـ 140١٤٠) فأعلن المستشار - المرشد أنه قرر حل الجهاز السرى، لكنه كما أكد صلاح شادى «وأحكم فضيلة المرشد خطوة وكلف الأخ يوسف طلعت برئاسة الجهاز»، ويغضب السندى وببساطة يأمر باغتيال سيد فايز، ويقول المؤرخ المعتمد من الجماعة محمود عبدالحليم «أن السندى تخلص من الأخ سيد فايز بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته»، ثم «وقد ثبت ثبوتاً قاطعاً أن هذه الجريمة الأثيمة الغادرة كانت بتدبير السندى»، (الإخوان المسلمون - أحداث صنعت التاريخ - الجزء الثالث - صـ 205٢٠٥) وفى ظل المرشد «المستشار» جرى إعداد الجهاز وتولى عمليات التدريب أحمد عادل كمال، وكان ذلك كله يجرى فى ظل تمسكن إخوانى.
المرشد يزور الملك ويقول: «زيارة كريمة لملك كريم»، ثم يرسل وفداً من القادة القدامى للجهاز السرى ليسجلوا فى دفتر تشريفات قصر عابدين ولاءهم للملك كتابة، ثم كان بعد ذلك تحالفهم مع ثوار يوليو، وفيما تستنكر الجماعة فى عديد من التصريحات الإرهاب والجهاز السرى.. يكتب أحمد عادل كمال فى كتابه الخطير «النقط فوق الحروف»: «جماعة من غير جهاز سرى يحميها عبث»، ثم يتباهى بأنه قد درب الإرهابيين فأحسن تدريبهم ويورد فى كتابه ودون احتراز نموذج الامتحان النهائى للمرحلة الأولى وفيه:
أشرح باختصار تكتيكات الانسحاب، أذكر مواضع الطعن القاتلة وكيف تصيبها من خصمك؟
أشرح كوكتيل مولوتوف وكيفية استعماله، احتجت إلى قنبلة 75 ٧٥ ولم تجدها، أذكر تفصيلاً كيف تجهزها؟
أذكر ميزات النسف بالكهرباء، واستعمال النسف بالفتيل.. أذكر مميزات قنابل الأنيرجا وفيما تستعمل (صـ٤٨١ 481)
وأذكركم أن ذلك كان فى ظل المرشد المستشار، وكان أيضاً بعد ثورة يوليو، حيث لا تواطؤ حكومياً مع الاحتلال أو مع الصهيونية.
أما الأستاذ محمود الصباغ، وكان قائداً فى الجهاز السرى، فيتباهى فى كتابه «حقيقة النظام الخاص ودوره فى دعوة جماعة الإخوان» بعديد من الأعمال الإرهابية فيقول فى زهو: «وفى مظاهرة المدرسة الخديوية ألقى الإخوان سيد بدر ولطفى فتح الله قنابل على رجال البوليس بهدف تخفيف حملة البوليس على المتظاهرين» [تأملوا مظاهرة لطلبة ثانوى تلقى فيها قنابل].
وكان الإخوان يتحالفون مع الغير من منطلق «لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت» فما إن يختلفوا حتى يستخدموا العنف لترويع حليف الأمس . ونواصل القراءة فى كتاب محمود الصباغ لنجده يقول: «إنه «بهدف إشعار إسماعيل صدقى بقوتهم جرى تفجير قنابل فى جميع أقسام البوليس فى القاهرة فى يوم واحد هو31.12.1946 ٣١/١٢/١٩٤٦ فتفجرت قنابل فى أقسام شرطة الموسكى، الجمالية، الأزبكية، مصر القديمة، عابدين، الخليفة، إمبابة ونقطة السلخانة» (صـ 278٢٧٨) . ثم يقول «وعمد النظام الخاص إلى إرهاب الحزبين اللذين منحا صدقى باشا الأغلبية البرلمانية فألقى قنبلة حارقة على سيارة هيكل باشا وقام بذلك الأخوان أحمد البساطى ومحمد مالك، وتقرر إلقاء قنبلة على سيارة النقراشى لكن لم يعثر عليها»، ويتباهى «الصباغ» بأنه هو المخطط لذلك.
وعندما اختلف الإخوان مع عبدالناصر بعد تحالف ومشاركة قرروا ممارسة العنف ضده بل ومحاولة اغتياله. ومحدثنا هذه المرة ضابط إخوانى شهير هو عبدالمنعم عبدالرؤوف الذى كان ضمن الضباط الأحرار ثم عاداهم عندما عاداهم الإخوان فقبض عليه لكنه هرب من السجن، حيث التقاه مسؤول إخوانى كبير ليبلغه «الإخوان يكلفونك بوضع خطة لانقلاب إسلامى» ويقول عبدالرؤوف فى كتابه «هكذا أرغمت فاروق على التنازل عن العرش: «وفور ذلك طلبت قائمة بالمعلومات التالية: عدد أفراد النظام الخاص المدربين وكشف مفصل به جميع الأسلحة الصغيرة، رشاشات، بنادق، طبنجات، قنابل يدوية، خناجر، ذخائر» (صـ 163١٦٣)، كما طلب تجهيز ملابس شرطة عسكرية تكفى مجموعتين.
ونعود إلى محمود الصباغ فهو يروى لنا كيف يتخفى الإرهاب حول واجهات بريئة فيقول: «ولم يقتصر تفكير النظام الخاص على التدريب على الأسلحة والقنابل التقليدية، بل فكر فى تصنيع ما لا يتوافر فى الأسواق من متفجرات مثل قطن البارود، وتم إنتاجه بنجاح، وكذلك ساعات التوقيت التى تحدد وقت انفجار العبوة الزمنية وتم تطوير الساعات العادية إلى ساعات زمنية».. (صـ 149١٤٩).
لكن الإرهاب يتطلب إنتاجاً وافراً من قطن البارود، ونتابع مع الصباغ فى كتابه: «وكان لابد من مكبس هيدروليكى كبير فاتجهنا إلى إنشاء مصنع للبلاط لا يعمل فيه إلا أعضاء الجهاز الخاص بحيث ننتج البلاط على أساس تجارى يضمن له صفة الاستمرار ويستخدم مكبسه فى ذات الوقت لإنتاج قطن البارود، وقد قمت شخصياً بشراء المكبس من السوق وأنشئ المصنع فى ميدان السكاكينى كأحد أنشطة شركة المعاملات الإسلامية وأنتجنا فعلاً أجود أنواع البلاط، وأقوى أنواع القوالب من قطن البارود التى نجحت فى تفجير قطعة قضيب سكة حديد» (صـ 150١٥٠) .
وفى قضية السيارة الجيب قبض على شخص اعترف بأنه سلم أحد الإخوان لغماً أرضياً يمكن تفجيره بساعة زمنية.. (صـ 163١٦٣)، ونلاحظ أن الأمر أخطر من مجرد محاولة اغتيال فرد أو أفراد لكنه استعداد لحرب حقيقية.. قطن بارود ولغم أرضى...إلخ.
ولا نملك بعد هذا القدر اليسير من معلومات لا حصر لها عن الإرهاب الإخوانى إلا أن نطلب إلى جماعة الإخوان إشهار توبتها وإلا فإن كل من يقرأ هذه الكتب وغيرها قد يتصور أن هذه الجرائم والأسلحة الصغيرة والكبيرة هى جهاد إسلامى، وما هى إلا تطرف متأسلم يخرج عن صحيح الدين.
---------------
* رفعت السعيد (1932 -)، سياسي مصري، يرأس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي. ترأس حزب التجمع خلفًا لخالد محيي الدين. يعتبر من الأسماء البارزة السابقة في الحركة الشيوعية المصرية منذ أربعينات القرن العشرون وحتى نهاية السبعينات. اعتقل مرات عديدة، حتى إنه حصل وهو في الرابعة عشرة من عمره على لقب "أصغر معتقل في مصر"، كما اعتقل سنة 1978 بعد كتابته مقالا موجها إلى جيهان السادات زوجة الرئيس المصري محمد أنور السادات بعنوان "يا زوجات رؤساء الجمهورية إتحدن". عرف بمعرضته لجميع الرؤساء الذين حكموا مصر، إلا أن معرضته للرئيس السادات كانت الأكثر جذرية حسب وصفه، له العديد من المؤلفات النقدية لحركات الإسلام السياسي. المصدر: الحوار المتمدن – www.ahewar.org - عدد: 3538 – 6.11.2011.
|