מאמרים
היסטוריה, זיכרונות
תרבות
Français English عربى  Etc.

 في ذكرى مجزرة حماة

نظام أسد يرتكب مجزرة في حمص

يقلم: رشيد شاهين*

كما كان قد تعهد في خطابه الأخير، لم يتوان حاكم سوريا عن تنفيذ تهديداته بالضرب بيد من حديد على ما سماه "الإرهاب"، وهو يقصد الثورة المستمرة ضد نظام حكمه منذ ما يقارب العام.

قبل عقود ثلاثة كان حافظ أسد قد ارتكب مجزرة ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الناس قيل إن عددهم زاد على ثلاثين ألف قتيل، وأكثر منهم من الجرحى، وتشريد عشرات الآلاف من أبناء مدينة حماة.

 في حماة

أبناء سوريا، كانوا قد خرجوا بالأمس يعتذرون للدم الذي سفك في حماة على أيدي نظام العصابة الحاكم، في محاولة منهم لشحذ ضمير العالم لتذكر أولئك الضحايا، والعمل على وقف المجزرة المستمرة في سوريا والتي صار النظام يقوم بها على المكشوف، ضاربا عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية والمحلية، وكذلك لكل الاتفاقيات والمواثيق والعهود المتعلقة بحقوق الإنسان.

صار جليا ان نظام أسد، إنما يستند إلى "الدعم" الذي لا يبدو محدودا من قبل الحليف الروسي، هذا الحليف، الذي من الواضح، انه يتفنن في خسارة مواقعه في المنطقة التي هو بأمس الحاجة إليها في "صراع" القوى الكبرى من اجل الإبقاء على موضع قدم في هذه المنطقة الإستراتيجية من العالم.

وفي هذا الإطار، فان روسيا، ونتيجة قراءتها غير الصحيحة لتطور الأحداث في المنطقة، فإنها خسرت بداية احد أهم الحلفاء التقليديين في المنطقة، والمقصود هنا دولة العراق، التي لم تتمكن روسيا في ظل سقوط الاتحاد السوفييتي من التعامل مع ملفه، بشكل يضمن لها علاقات مستديمة مع هذا القطر، الذي كان ولازال احد أهم الدول في المنطقة، بغض النظر عمن يقوم على حكمه منذ الغزو الأمريكي واحتلال العراق في العام 2003.

كذلك، فان روسيا لم تستطع ان تقرأ تطورات الانتفاضات التي انطلقت في المنطقة العربية، منذ ما يزيد على العام، برغم ان الصورة كانت واضحة لكل صاحب بصيرة، حيث كان من الواضح ان ربيع العرب لن يتوقف عند حدود هذه الدولة أو تلك، كما كان واضحا ان الأنظمة في الدول التي قامت بها الثورات العربية، إنما هي أنظمة لا شك هشة، مهزومة، وان مكوثها في سدة الحكم صار مجرد مسالة وقت، وإنها لا بد ذاهبة إلى مزابل التاريخ، بغض النظر عن دموية التعامل معها، وبغض النظر أيضا عن طول فترة المواجهات أو قصرها.

روسيا بإدارتها وقراءتها الخاطئة لتطورات الأحداث في المنطقة، خسرت ليبيا وهي لم يكن لها أي دور مؤثر في أحداث اليمن أو تلك في مصر ولا في تونس، وهي لا زالت تدعم بكل طاقتها نظام أسد الذي من غير الممكن بقاؤه، وان مسالة أفوله ليس سوى مسالة وقت. وهي بمواقفها هذه، إنما تعمق الفجوة بينها وبين الشعوب المستضعفة في دول الربيع العربي، برغم ان بإمكانها ولا زال لديها الوقت حتى اللحظة، ان تراجع سياستها، وان تصطف إلى جانب الشعب السوري الثائر، من اجل الحفاظ على بعض من مصالحها في المستقبل، لان من غير المعقول ان تحرق جميع السفن مع الشعب السوري، من اجل نظام فقد كل مقومات بقائه.

وبالعودة إلى نظام أسد، فانه إذا ما تمت قراءة الموقف الروسي بشكل يتناسب مع ما يمكن فهمه من الفيتو الروسي، فانه سوف يتمادى في غيه، ولسوف يفهم الرسالة الروسية على أنها دعم لا محدود لسياسات القتل والدم التي يمارسها منذ ما يقارب العام.

الموقف الروسي الذي ذهب بعيدا في الاستخفاف بالدم السوري لن يكون مفيدا لا لروسيا ولا للحليف في دمشق، خاصة في ظل إعلان الشعب السوري عن موقفه واتخاذه قراره بعدم التراجع عن ثورته إلا بسقوط النظام الحاكم في دمشق.

الطريقة الدموية التي يتبعها النظام في مجابهة الصدور العارية في الشوارع السورية، وهذا الاستخدام المفرط للقوة، لم تكن ولن تكون هي الأسلوب الأمثل للتعامل مع شعب قطع كل خيوط العلاقة مع تاريخه في التردد والخوف أو الخشية من النظام وأجهزته القمعية، شعب اتخذ قراره بالمواجهة وعدم التراجع، وان لا حل أمامه سوى بإسقاط  نظام عائلة أسد، وان يعيش في دولة حرة ديمقراطية تعددية تحفظ كرامته وحرياته وبعض من إنسانيته.

التصعيد بهذا الشكل الدموي الذي يمارسه نظام القرداحة ضد المحتجين، ليس سوى مؤشر على انه نظام يشعر انه يعيش لحظاته الأخيرة، أو كما يقال نظام يلفظ روحه وان هذه الطريقة ليست سوى "حلاوة الروح أو حرارة الروح"، وهو يعلم تماما ان انتهاء حكمه بات قاب قوسين أو أدنى.

الحديث الذي لا زال يكرره نظام أسد عبر أجهزة إعلامه المختلفة، وعبر الذين يطبلون ويزمرون لممانعته ومقاومته، أصبح حديثا ممجوجا، خاصة في ظل تصاعد أعداد القتلى في شوارع المدن والبلدات والقرى السورية، وهذا ينطبق على ما يتم ترديده عن عصابات مسلحة وما إلى ذلك من "دعاية" تحاول قلب الحقائق، وتصوير الضحية على انها الجلاد.

حتى لو افترضنا ان ما يردده النظام عن وجود عصابات مسلحة "برغم معرفتنا ان لا أحد في المعارضة بما في ذلك الجيش السوري الحر لا يمتلك أسلحة لا ثقيلة ولا متوسطة" هي التي تمارس القتل ضد الأبرياء والعزل من أبناء سوريا، فان ما سقط من ضحايا على امتداد الفترة الماضية، دليل على ان نظام العصابة في دمشق، عاجز عن مواجهة هؤلاء "القتلة" وبالتالي فان على هذا النظام ان يعلن ذلك، وان يفعل ما يفعله أي نظام يشعر بالمسؤولية تجاه أبناء شعبه، هذا إذا كان النظام ينظر إلى أبناء الشعب السوري على أنهم أبناءه.

في الدول والأنظمة المتحضرة، إذا ما سقط عدد من الضحايا حتى ولو من خلال كوارث طبيعية خارجة عن إرادة البشر، وعجز النظام عن مواجهة تلك الكوارث، فان القائمين على تلك الأنظمة يقدمون استقالاتهم ويغادرون مناصبهم، فما بالك عندما يسقط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى واللاجئين والمشردين، هذا عدا عن المعتقلين.

نظام أسد كما نرى، ويرى كل الأحرار والخيرين في العالم، بعد هذه المجزرة التي ارتكبها في ذكرى مجزرة حماه، فقد كل مقومات بقائه ووجوده، وإذا كان يرغب في عدم جر البلاد إلى حرب أهلية أو إلى مصير أسود مجهول، وحتى لا يحدث في البلد ما هو أسوأ مما يجري، وإذا ما كان فعلا حريصا على أبناء الشعب السوري والوطن السوري، فان فرصة ربما أخيرة لا زالت أمامه لكي ينفد بجله ويدع السوريين يقررون مصيرهم ومصير بلدهم.

--------------

* بواسطة الحارس جمعية الحارس للديمقراطية والاعلام بيت لحم :  info@alhares.org – 4.2.2012

 

بيان مجلس قيادة الثورة في حماة:

 

الذكرى الثلاثون لمأساة العصر مجازر مدينة حماة عام 1982م**

ثلاثون عاماً ، مرت على مجزرة العصر ، مجزرة حماة عام 1982م ، عندما تم تدمير المدينة ، و القيام بأبشع المجازر و الممارسات الهمجية عبر العصور ، من قتل و سحل و تعذيب ، و اغتصاب و تهجير، و انتهاك للحرمات و المقدسات ، بما يندى له جبين الإنسانية ، تاركة أفـظع الآثار النفسية و الاجتماعية ، عند من بقي على قيد الحياة من أهالي المدينة ، في ظل تآمر و تعتيم إعلامي مريب .

و قد استغل النظام الأسدي ، آنذاك ، كما يفعل اليوم ، بعض الأصوات المعارضة في سورية ، سبباً ليضرب بيد من حديد كل المناطق المعارضة له ، صاباً جام حقده على مدينة حماة ، مرتكباً بأهلها جميعاً بلا أي استثناء ، أفظع الجرائم ، مستخدماً آلته العسكرية الوحشية ضد المدنيين العـزل ، مخلفاً وراءه عشرات الآلاف من الشهداء اللذين لم يتم إحصائهم بدقة من قبل أي جهة قانونية ، مستمراً في قمعه لأهالي حماة و اعتبارهم معادين له حتى اليوم . وكان من نتائج هذه المجزرة ، قيام النظام بضرب كافة القوى الوطنية و شلل الحياة السياسية في سوريا ، زارعاً الفرقة بين مكـونات الشعب السوري الواحد ، فارضاً نظاماً أمنياً استبدادياً قمعياً ، منقطع النظير .

وهنا ، لا بد أن نؤكـد ، أن ما حدث في حماة في الثمانينات ، لم يـنـتـه ، و هـو حق لا يموت بالتقادم ، و نطالب بفتح هذا الملف الدامي للتحقيق فيه ، من قبل المنظمات الحقوقية و القانونية المحلية و العربية و الدولية ، و اعتبار ما حدث ، جرائم حرب ضد الإنسانية ( إبادة جماعية ) و تقديم الجناة إلى العدالة ، لمحاسبتهم بما اقترفت أيديهم من جرائم تشيب لها الولدان .

ومع انطلاق الثورة السورية المباركة ، ولجوء النظام الأسدي لأساليبه الدموية في قمعها ، و انكشاف حقيقة النظام المجرم ، لباقي أبناء الشعب السوري ، شعرت حماة الجريحة بواجبها تجاه الوطن ، بأن لا تسمح لمأساتها أن تتكرر ، و أن لا ينفرد النظام الأسدي المجرم بأية مدينة ، كما حدث في مجازر الثمانينات في حماة ، فهب أهلها ريفاً و مدينة بشجاعة نادرة ، كاسرين جدار الخوف و القمع ، لرد نـداء الـفـزعـة المـنـطلـق من حـوران ، فـكانت المظاهرات المليونية الرائعة في ساحة العاصي ، و تـقـديـم الشهداء بسخاء على طريق الحرية لـنــصرة أهـلهم في سوريا .

وكما في بقية المدن الثائرة ، فقد تعرضت محافظة حماة للحملات العسكرية و الأمنية القمعية ، تلاها اجتياح شرس في شهر رمضان الماضي ، مخلفاً مئات الشهداء و آلاف المعـتـقـلـيـن و الملاحقين ، و قد طالت هذه الحملات جميع مدن و بلدات و قرى المحافظة الثائرة ، و كان للتلاحم الكبير بين أبناء المحافظة ، ريفاً و مدينةً ، أثراً كبيراً على صمود و تطور الحراك الثوري بالمحافظة ، بلغ حداً لم تشهده المحافظات الثائرة الأخرى .

ومع دخول الثورة السورية شهرها الحادي العاشر، لا تزال محافظة حماة الثائرة، تعاني من الاحتلال المباشر و تقطيع أوصالها ، و انتشار العصابات الأسدية في جميع أنحائها ، و استمرار النهج القمعي في التعامل مع الأهالي ، لإخماد جذوة الثورة المـتـقـدة ، والتي لن تنطفئ ، إلا بسقوط هذا النظام ، و محاكمة الجناة ، و بناء دولـة العـدالة و المساواة دولـة الحـرية والكرامة لكل أبناء شعبنا السوري .

 و نعاهد شهدائنا في السير على طريق الثورة المباركة حتى النصر بإذن الله .

 رابط البيان على صفحة أحرار مدينة حماة

------------

** المصدر: شفاف الشرق الاوسط, الجمعة 3 شباط (فبراير) 2012

 

 

 

2/6/2012