سيناء ساحة خلفية لحماس لتوريط مصر
هل تستخدم ملابس الجيش المصري في عملية ضد إسرائيل؟
بقلم: أحمد سيد حسن*
ما هي أبعاد العلاقة الجديدة بين نظام الإخوان في مصر وحركة حماس في غزة؟ هل اعتبرت حركة حماس أنها قد أصبحت من «أهل البيت» الإخواني وبالتالي فمن حقها أن تمارس ما تريد داخل الساحة المصرية؟ وما حقيقة الأدوار التي لعبتها حماس ولاتزال داخل المعادلة السياسية والأمنية المصرية؟ وهل أصبحت سياسة مصر الرسمية تختزل القضية الفلسطينية الآن في دعم حركة حماس وتمكينها لإقامة إمارة إسلامية في غزة؟
آخر القضايا التي تفجرت منذ أيام والخاصة بالعثور علي كميات كبيرة من أثواب القماش الذي تستخدمه القوات المسلحة في إعداد ملابس أفرادها من الجنود والضباط أثارت الكثير من الأسئلة حول نوايا الجهات التي تقوم بعمليات التهريب تلك، وما إذا كانت تستخدم الملابس العسكرية المصرية في عمليات داخل مصر أو ضد إسرائيل، حيث يقوم أفراد من المنظمات الجهادية المتعددة في سيناء وغزة باستخدام تلك الملابس للإيحاء لإسرائيل بأن أفراد من القوات المسلحة المصرية يقومون بتلك العمليات، ومن ثم تقوم إسرائيل بردود فعل انتقامية ضد أهداف عسكرية مصرية، وتشتعل مواجهات مسلحة حتي ولو كانت محدودة علي الحدود المصرية – الإسرائيلية الهادئة.
والسؤال هنا.. هل يوجد تنسيق بين حماس أو أي منظمة جهادية فلسطينة أخري، وجماعة الإخوان عبر جهازها السري الخاص أو أي من المنظمات الجهادية المصرية، للدفع في اتجاه عملية ضد إسرائيل لتوظيفها لتحقيق إجماع شعبي وراء نظام الإخوان المتهاوي في مصر؟
وعلي الرغم من أن تلك أسئلة في ضوء محاولة البحث عن إجابات، لكن الجيش المصري لم ينتظر أي من الإجابات وسارع إلي تغيير الزي العسكري للجيش الثاني الميداني بسرعة لمواجهة أي محاولة لاستخدام الزي العسكري في عمليات غير معروفة سواء ضد إسرائيل أو في سيناء أو أي مناطق أخري.
الفلسطينيون السبعة
واكتشاف عملية تهريب القماش الذي يستخدمه الجيش المصري جا ءت بعد أيام محدودة من القبض علي 7 فلسطينيين في مطار القاهرة تنقلوا بين سوريا وإيران في أسبوع واحد قبل أن يدخلوا إلي القاهرة في طريقهم إلي غزة، وعلي الرغم من الملابسات الغامضة للقبض علي هؤلاء والتحقيق معهم، وما أثير حول طلب جهة سيادية «غالبا الرئاسة» الإفراج عنهم، وطلب جهة سيادية أخري «المخابرات» التحقيق معهم، إلا أن هذه العملية تثير الكثير من الأسئلة حول الحرية التي أصبح أعضاء حماس يتمتعون بها في التنقل الآمن من خلال المطارات والأراضي المصرية ويحملون معهم أوراقا وخرائط لأهداف مختلفة سواء مصرية أو غير مصرية، حيث تلاشت المخاوف القديمة فيما يبدو من عمليات التفتيش والتحقيق والاحتجاز في إطار متابعة يبدو أنها تراجعت في متابعة الأنشطة الفلسطينية التي تمر عبر الأراضي الفلسطينية.
ولايزال قتل الـ 16 جنديا في سيناء لغزا بلا حل رغم أن العملية تمت في رمضان الماضي، واتخذت سببا
لإقالة رئيس المخابرات اللواء مراد موافي ثم الإطاحة بالمشير طنطاوي والفريق سامي عنان، وتصدي الرئيس مرسي بنفسه لقيادة العملية العسكرية «نسر» للبحث عن المتورطين في عملية قتل الجنود المصريين، ولم يتم حتي الآن العثور علي هؤلاء رغم وجود جثث للقائمين بالهجوم، والتوصل إلي هويتها من خلال الحمض النووي.
ونعود «للتسريبات» والأخبار التي تنشر بلا تأكيدات رسمية، حول تورط حماس تارة ومنظمات جهادية فلسطينية تارة أخري في قتل الجنود المصريين، سواء لمساعدة نظام الإخوان علي التخلص من المجلس العسكري، أو لدفعه للقيام بموقف قوي تجاه إسرائيل في تكرار لحادث قتل إسرائيل للجنود المصريين في السويس عام 1954، وما أحدثه ذلك من تسارع خطوات مصر في التسلح لمواجهة إسرائيل.
وهناك أسئلة حول دور لميليشيات من حماس في أحداث الثورة نفسها، ودعم ميليشيات الإخوان التي كانت لاتزال في طور السرية التامة لإشعال أحداث العنف لمنع التوصل إلي تسوية سياسية مع النظام السابق والدفع نحو انهيار النظام، لكي تتمكن جماعة الإخوان من الوصول إلي الحكم.
في هذه الظروف كانت مفاوضات خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في القاهرة مع مكتب الإرشاد مباشرة، حيث اجتمع مع المرشد محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر في محاولة لتطويق الأزمة بسرعة قبل أن تتفاقم.
ذلك أن المشكلة تكاد أن تتفاعل بين الجيش من ناحية والرئيس محمد مرسي من ناحية أخري، والدليل إصرار الجيش علي معاقبة كل من ينتهك أي مصري والانتقام للشهداء الذين قتلوا في رفح، فيما لا تتخذ الرئاسة أي خطوة في هذا الإطار، فلا حديث من الرئيس عن مصير العملية «نسر» ولا عن الذين قتلوا الجنود المصريين، ولا حتي تعليق عن مخاطر الأنفاق علي الأمن المصري.
موقف حاسم للجيش
وموقف الجيش المصري يتسق مع استراتيجيته للحفاظ علي الأمن القومي المصري حين رفض تمليك أراضي سيناء للأجانب، وهو يراقب عمليات شراء الأراضي وإعادة بيعها في إطار سيناريو «التوطين» الفلسطيني في سيناء، وهو سيناريو يتم ببطء وبحرص شديدين، بعد أن أصبحت كل الأوضاع مواتية لحماس وشقيقاتها مع وجود الأشقاء الأكبر في حكم مصر، وهم لا يدركون بذلك أنهم يتسببون في أزمة بين الجيش والرئاسة حتي وإن كانت صامتة الآن، إلا أنها قد تنفجر قريبا جدا وتكشف الكثير في أسرار العلاقة بين حماس والإخوان.
-------------
* المصدر: الأهالي – 19.3.2013.
|