מאמרים
היסטוריה, זיכרונות
תרבות
Français English عربى  Etc.

 

الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي أمام تحديات السلام
 
بقلم شاكر النابلسي*
 
 
-1-
يبدو أن مساراً جديداً في منطقةالشرق الأوسط سيأخذ طريقه مع عزم وتصميم وشجاعة إدارة أوباما، في أن تحلَّ هذهالقضية التي مضى عليها حتى الآن ستون عاماً. فقد تمَّ في نصف القرن الماضي ومطلعهذا القرن حلُّّ وفضُّ معظم النزاعات السياسية في العالم، ولم يبق غير القضيةالفلسطينية والقضية الكوبية.
ولعل تصميم وعزم وشجاعة إدارة أوباما، علىمتابعة هذه القضية، رغم أعباء هذه الإدارة الداخلية الثقيلة، هو ما شجع ودفع الكثيرمن مراكز البحث والرأي في العالم وخاصة في أمريكا على إعادة فتح ملفات القضيةالفلسطينية من جديد، والنظر فيها، ولكن بأسلوب جديد مختلف، تمشياً مع نظرة الإدارةالأمريكية إلى هذه القضية.
                                                               -2-

مؤسسة "ٍSearch for Common Ground"الأميركية، مقرها في واشنطن ولها مكتب في بروكسل. وهي مؤسسة غير حكومية تعمل علىفضِّ المنازعات الدولية بالطرق السلمية، وعبر الحوار. وتلجأ إليها دول ومنظماتعالمية عدة، للمساعدة في الحوار مع الإدارات الأمريكية المختلفة، وتقريب وجهاتالنظر. وقد لجأت سوريا مؤخراً إلى هذه المؤسسة، قُبيل تولّي إدارة أوباما السلطة.فهناك وفد سوري غير رسمي، زار أميركا بدعوة من هذه المؤسسة، من أجل بحث سبل التقاربوالتفاهم بين سوريا والإدارة الجديدة. واستهدفت هذه الزيارة، خلق أرضية إيجابيةجديدة عن سوريا، تسبق قدوم إدارة أميركية جديدة. وهو دليل واضح إلى مدى تلهّف سورياعلى أن تكون على جدول أعمال الإدارة الجديدة، بغض النظر عن حلفها الإستراتيجي معإيران.
- 3 -
كان من بين أنشطة "كومون جراوند" الأخيرة، أن قامتبمساعدة حركة صوت واحد One Voice - وهي حركة سلام عالمية متمثلة بشكل متساوٍ في كلمن إسرائيل وفلسطين- بإجراء استطلاع للرأي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكي تضعأمام السياسيين من كلا الطرفين، الحقائق السياسية الموجودة والقائمة فعلياً علىالأرض، وليس ما يدور في رؤوس السياسيين فقط من كلا الطرفين. وهي بذلك سعت إلى أنيكون قرارا السلام القادم، هو قرار الشعوب أيضاً، وليس قرار المسئولين السياسيينفقط..
- 4 -

قام استطلاع الرأي الميداني هذا، بعد الحرب على غزة، لكييؤكد من جديد، أن لا سلام في فلسطين بالسيف، ولكن بالعقل والقلم. وشمل هذاالاستطلاع عينة مختارة من 500 إسرائيلي و600 فلسطيني (من الضفة الغربية وغزة)، وذلكلمعرفة رأي الشارع الفلسطيني والإسرائيلي على السواء في مباحثات السلامالقادمة.
وتقول الباحثة الفلسطينية داريا الشيخ، المتعاونة مع مؤسسة "كومونجراوند" ، والناشطة السياسية، والرئيسة التنفيذية لحركة "صوت واحد"، في مقالها "رافعة شعبية لحل الدولتين"، أن أسئلة هذا الاستطلاع صُممت للدفع بأفراد العينة إلىما وراء ردود "نعم أو لا التقليدية المعتادة والمتصلبة، وذلك بهدف محاولة الوصولإلى عقل الأغلبية، وكيف يعتقدون أن العملية ينبغي أن تنتهي.

                                                            - 5 -
 
كانت نتائج الاستطلاع تشير بشكل واضح، إلى أن حلَّ الدولتين يبقى هو الحلالوحيد المقبول لدى غالبية كل من الإسرائيليين والفلسطينيين. وذلك من خلال الأرقامالتالية التي جاء بها هذا الاستطلاع:

1-
أكد 74 % من الفلسطينيينمقابل 78 % من الإسرائيليين استعدادهم لقبول حلِّ الدولتين.
 
2- يعتقد 58 %من الإسرائيليين و74 % من الفلسطينيين، أن المشاركة المدنية في العملية السلميةأساسية، ومرغوبة.

3-
يرى 59 % من الفلسطينيين مقابل 66 % من الإسرائيليين،أن دولة واحدة أحادية القومية غير مقبولة.

4-
يعتقد 77 % من الإسرائيليينمقابل 71 % من الفلسطينيين، أن السلام المتفاوض عليه هو إما أساسي أو مرغوب به.
 
5- يرى 94 % من الفلسطينيين أن القضية الفلسطينية مشكلة مهمة جداً فيالعملية السلمية. ويصنفونها على أنها القضية الأولى . ولا يرى سوى 30 % منالإسرائيليين أنها مهمة جداً ، ويصنفونها رقم 15 على قائمة الأولويات لدىالإسرائيليين.
 
6- القضية ذات الأهمية الأولى بالنسبة للإسرائيليين، هي وقفالهجمات على المدنيين، ويصنفها 90 % من الإسرائيليين على أنها ذات أهمية قصوى ،ويوافق 50 % من الفلسطينيين على ذلك، ولكنهم يصنفونها في المركز الـ 19 من 21قضية.
 
                                                             - 6 -
 
فما هي النتائج المُستخلصة من هذا الاستطلاع العلمي، للرأيالعام الفلسطيني والإسرائيلي؟
هذه بعض النتائج الواضحة:

1-
أنالشعبين الإسرائيلي والفلسطيني تعبا واستُهلكت مواردهما وقواهما من جرّاء الحروبالعربية - الإسرائيلية، والهجمات الفلسطينية المسلحة على إسرائيل، ويريدون السلام،رغم الممانعة الواضحة والاستغلالية التي يراها بعض السياسيين من كلا الجانبين (حكومة نتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان ومجموعة من الأحزاب الدينية الإسرائيليةالصغيرة الأخرى، وحركة حماس والفصائل الدينية الفلسطينية المسلحةالأخرى).
2- رغبة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني المشاركة الشعبية الفعليةفي المفاوضات، وعدم ترك المفاوضات ونتائجها للسياسيين المفاوضين فقط. لأن المشاركةالشعبية هي التي ترى الحقائق على الأرض، بينما السياسيون يعيشون في أبراجهم العاجيةالعالية، ولا يريدون من المفاوضات غير تحقيق أغراضهم الشخصية، سواء كانت تلكالسياسية أم المادية. وفي حالة المشاركة الشعبية في هذه المفاوضات، فإن السياسيينلا يخشون أي قرار يتخذونه كما حصل مع ياسر عرفات في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000.
3- لم تعد القضية الفلسطينية مهمة بالنسبة للإسرائيليين كما هيبالنسبة للفلسطينيين. فالإسرائيليون مطمئنون إلى وضع دولتهم، التي بنوها وشارفواعلى استكمال بنائها، من كافة النواحي. أما الفلسطينيون فما زالوا يحلمون بقضيتهمودولتهم، التي لم يروها بعد ستين عاماً من التشرد والشتات. ولهذا فالقضيةالفلسطينية بالنسبة لهم هي على أعلى قائمة الأولويات.

فالمسروق مهموم دائماًبما سُرق منه، أما السارق فلا همَّ له.
--------------
* شاكر النابلسي (shakerfa@comcast.net), كاتب وباحث أردني من مواليد 1940, مختص بقضايا الإصلاح في العالم العربي والقضايا الإسلامية.
المقال نشر في الحوار المتمدنwww.ahewar.org- العدد: 2695 2.7.2009.
7/7/2009