מאמרים
היסטוריה, זיכרונות
תרבות
Français English عربى  Etc.

مارسيل خليفة يدافع عن حرية الإبداع:

ارفعوا أيديكم عن حناجرنا !

الدين لا يستمد قوته من العنف اللفظي ولا يحتاج إلى دم شاعر

أو أديب أو صمت أغنية كي يحافظ على بقائه.

 

بقلم : محمد الحمامصي*

 

طعن الفنان مارسيل خليفة في مصداقية دفاع المنتهكين لحرية الإبداع عن الدين قائلا : "إنه دفاع باطل وعقيم ومشكوك فيه عن دين لا يستمد قوته وعظمته واستمراريته من العنف اللفظي والبدني الذي يمارسه فقهاء الظلام وتجار الفتاوي بل مما يدعو إليه من تعايش وتسامح ومحبة، دين في جوهره قائم على الحوار والاجتهاد، دين لا يحتاج إلى دم شاعر أو أديب أو صمت أغنية كي يحافظ على بقائه، لا يحتاج إلى صراخ وانفعال وتشنج في الدفاع عنه".

 

 

وقال مارسيل خليفة في شهادته في الندوة الدولية لإليات الرقابة وحرية التعبير في الوطن العربي التي أقيمت في مكتبة الاسكندرية: "الجامع بين سدنة المقدس هؤلاء هو التحريم: تحريم الجديد والمستجد، والرأي المخالف، والنقد والسؤال، وكل ما يشتبه في أنه ينتهك محرمات السياسة والقانون والأخلاق والقيم والمثيولوجيا التي تعيش منها وتتعيش على امتيازاتها طبقات طفيلية وريعية من رجال الدولة والدين والنظام الاجتماعي التقليدي".

وأضاف: "ليست ذهنية التحريم ذهنية سياسية وإن هي توسلت مفردات سياسية، وإنما ذهنية ما قبل ـ السياسة ـ أو سابقة في الوجود للحظة السياسية بمعناها المدني والعصري كفعإلىة إنسانية واجتماعية يحكمها مبدأ النسبية والتنافس، وهي قطعا ليست ثقافة دينية لأن الأديان أتت تمثل ثورة على السائد والموروث وتحرر الوعي الإنساني من الخوف من المجهول، وأتت تدعو إلى التسامح والاجتهاد وإعمال العقل، وإنما هي ثقافة قبل ـ دينية تتمسح بالمقدس كي تنتهك أقدس ما في الوجود: الحرية، ثم إنها ليست ثقافة المجتمع ولا أخلاقه التي عليها درج، وإنما هي تستثمر تمسك المجتمع بمنظومة قيمه فتوحي بأن الثقافة والإبداع ينتهكان ثوابت تلك المنظومة حين يسائلان السائد والموروث".

وقال "لا يمكن نسب ثقافة التحريم إلى القانون والدين والنظام القيمي ـ الأخلاقي، إنها ثقافة القراصنة والمحتإلىن والمستبدين والمفسدين في الأرض، وهي ثقافة معادية لكل ما دعت إليه شرائع السماء والأرض والثقافات والحضارات من مبادئ وقيم عظيمة، إن إكليروس التحريم لا يتمتع بأية قوة سوى تلك التي يصطنعها لنفسه من إدعائه النطق باسم الدولة والدين والمجتمع، ولعله من واجبات الثقافة والإبداع تحرير الدولة والدين والمجتمع من سطوة الإكليروس غير المقدس والإضلال؟".

وأكد مارسيل خليفة "أنه لكي تناضل ضد التحريم معناه أن ترفع صوت الاحتجاج ضد هؤلاء، ضد المستبدين المتمسحين بالقانون والدين وضد المعادين للحضارة المستغلين للدين والقيم والأخلاق، وضد البرابرة الغزاة المحتلين.. أيها القراصنة ارفعوا أيديكم عن حناجرنا.

أيها القراصنة ارفعوا أيديكم عن قيس ويوسف، هذان اللذان بكل تاريخنا العربي جسدوا الجمال والحب، قبل أن تتطاول عليهم حناجركم".

وتحدث مارسيل خليفة عن تجربته وما تعرض له من تحقيق جراء الإدعاء عليه بالخروج على الشريعة حيث كانت النيابة العامة في لبنان عام 1999 قد وجهت إلىه تهمة "تحقير الشعائر الدينية" بسبب تلحين وغناء قصيدة من نظم الشاعر الفلسطيني محمود درويش تنتهي بمقطع من آية قرآنية، ويقول في القصيدة:" هل جنيت على أحد عندما قلت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين"، واعترضت مراجع إسلامية لبنانية على ذلك، ولا سيما مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني - باعتبار أن تلحين القرآن من المحرمات.

وقال خليفة: "لا تكون ثقافة إلا متى كانت الحرية، الحرية للثقافة شرط وجود أو هي بهذه المثابة، ومن ليس حرا دونه ودون الإبداع الثقافي مساحة الفراغ الذي لا يحد، وحيث لا تكون حرية يمكن لـ "الثقافة" أن تكون أي شيء آخر غير أنها ثقافة، يمكنها أن تتحول إلى أيديولوجيا خادعة وتبريرية، إلى خطاب متلعثم يغمغم بمفردات غامضة رمادية، إلى فلكلور للزينة ، إلى أي شيء تفتقر فيه إلى ما يجعلها ثقافة: أي تعبر وتبدع وتبوح، تكشف المخبوء وتهتك المستور وتؤدي وظيفتها الإنسانية والاجتماعية والجمإلىة، الحرية للمثقف كالفضاء الفسيح للطائر، كالماء للسمكة، كالتربة الخصبة للمزارع، وليس صحيحا أن قليلا من الحرية خليق بأن يصنع مثقفا أو مبدعا، فالحرية لا تقاس بالمقادير ولا تخضع للتكميم الحسابي"من الكم" ففي تقيدها بالحدود حط وزراية بمعناها".

 

--------------

* المصدر: ميدل إست أونلاين / 26.7.2009

 

 

 

7/29/2009